06/06/2025
ـــــــ. نحن شعبٌ يخلق أزمته بيده !!!!! *** مل فعل صدق من قال نهار عيدكم نهار جوعكم ...
فجأة، ودون سابق إنذار، يتحوّل المواطن المغربي من إنسان يحمل ذاكرة وتاريخًا وحسًا جمعيًّا، إلى "حيوان لحم".
كائن محكوم بالرغبة، مسيَّر بالشائعة، محاصر بالخوف، تلاحقه أسعار السوق أكثر مما تلاحقه أسئلة المصير. لا يهم إن كانت هناك أزمة حقيقية، المهم أنه آمن بوجودها، وتصرف على هذا الأساس. فخلقها.
في الأسواق، يختفي السكر والدقيق والبصل كما تختفي القيم. تُصبح الطوابير مشهدًا مألوفًا، والهجوم على العروض نوعًا من "الجهاد" الاقتصادي. لا أحد يسأل: لماذا؟ لا أحد يتريث. الكل يركض. الكل يتهم الكل. وهكذا، تولد الأزمة من رحم اللاوعي، وتُغذّى كل يوم بجهل جماعي، بتربية استهلاكية، وبثقافة لا تُربّي على الصبر، بل على الغنيمة.
نحن لا ننتظر الكارثة، نحن نُسرع في جلبها. نتحايل على القانون، ثم نشتكي من الفوضى. نُلهب الأسعار بالمضاربة، ثم نندب الغلاء. نعيش في مفارقة سريالية: نخرب السفينة التي تقلّنا، ثم نصرخ غرقًا!
الوعي، للأسف، غائب. لكن السؤال الحقيقي: هل غُيِّب الوعي أم تخلينا عنه؟؟؟؟
غُيِّب بالمدرسة التي تعلّم الحفظ بدل النقد،
بالإعلام الذي يبيع الإثارة بدل المعلومة،
بالدين المُؤطر سياسيًّا بدل الدين المتحرر في جوهره،
وبالسياسات التي تَعتبر المواطن رقمًا في معادلة انتخابية لا أكثر.
أما الفرد، فغالبًا انسحب. يعيش على الهامش، يتحايل ليعيش، ويُقنع نفسه أن "السلامة" في الصمت، والكرامة في القليل، والخلاص في النجاة الفردية.
لكن، هل يمكن بناء مجتمع بوعي مكسور؟
هل يمكن أن تقوم نهضة على عقل خائف، مفكك، مستلب؟
هل يكفي أن نُحمّل المواطن المسؤولية، أم أن هناك بنية كاملة تُعيد إنتاج هذا الواقع المهزوم كل يوم؟
التغيير لا يأتي من فوق فقط، ولا من تحت فقط. التغيير الحقيقي يبدأ عندما يدرك الإنسان أنه ليس مجرد مستهلك، بل فاعل في التاريخ. حين يُصبح الوعي فعل مقاومة، لا رفاهية.
نحن لا نحتاج فقط إلى الخبز، نحتاج إلى معنى.
ولا نحتاج فقط إلى اللحم، نحتاج إلى كرامة.
ولا نحتاج فقط إلى البقاء، بل إلى العيش بوعي.