11/08/2025
في ربيع عام 2014، قررت فتاتان هولنديتان شابتان، كريس كريميرز (21 سنة) وليزان فروون (22 سنة)، خوض تجربة تطوعية كانت تبدو كفرصة مثالية لبداية جديدة مليئة بالأمل والطموح، مبتعدتين عن روتين حياتهما في هولندا. كانتا تسعيان لتحقيق أحلامهما وتطوير أنفسهما في بلد جديد هو بنما.
وصلتا إلى بلدة بوكيتي في محافظة تشيريكي، حيث تغطي الأشجار السفوح وتلامس الغيوم قمة بركان بارو، لتبدأ مغامرتهما التي ستقلب حياتهما رأسًا على عقب.
في الأول من أبريل، انطلقت الفتاتان في رحلة مشي عبر مسار طويل مغطى بغابات ضبابية كثيفة، يرافقهما كلب العائلة المضيفة، وتحملان حقيبة ظهر صغيرة وهاتفين محمولين وكاميرا رقمية. ابتساماتهما كانت تملأ الصور الأخيرة التي التقطتها ليزان حتى الساعة الواحدة بعد الظهر، حيث وثقت كريس وهي تعبر جدول ماء صغير بهدوء.
لكن مع حلول الغروب، تغيّر كل شيء.
عاد الكلب وحيدًا، واختفت الفتاتان بلا أي أثر. انتشر القلق بين العائلة والمجتمع.
بدأت عمليات البحث بعد خمسة أيام، وحضر أقارب الفتاتين مع محققين من هولندا، وتم الإعلان عن مكافأة مالية قدرها 30,000 دولار أمريكي، إلا أن البحث لم يُظهر أي دليل.
الغريب أن هواتفهما المحمولة سجّلت محاولات اتصال متكررة وصلت إلى 77 مرة بأرقام الطوارئ 112 و911، بين الساعة 4:39 و4:51 مساءً في يوم الاختفاء، لكن لم يتم الرد بسبب ضعف الإشارة. توقف هاتف ليزان عن العمل في 6 أبريل، بينما استمر هاتف كريس في العمل حتى 11 أبريل، رغم عدم إدخال رمز PIN الصحيح بعد 5 أبريل، مما أثار تساؤلات عن من استخدم الهاتف خلال تلك الفترة. أما الغابة الكثيفة فقد كانت كأنها ابتلعت الفتاتين، محتفظة بأسرارها.
بعد أكثر من عشرة أسابيع، وفي 14 يونيو، اكتشفت امرأة محلية حقيبة ظهر زرقاء على ضفة نهر الكوليبرا، بعيدًا عن مسار المشي المعتاد، في ظروف جوية ماطرة، لكنها كانت نظيفة وجافة، لا أحد يعلم كيف وصلت إلى هناك وكيف ظلت نظيفة وجافة. كانت الحقيبة تحتوي على 88 دولارًا نقدًا، نظارات شمسية، هواتف الفتاتين، وكاميرا ليزان. كما وُجد شورت جينز لكريس بالقرب منها، لكن لم يتضح إذا كان موضوعًا عمدًا أم تم رميه عشوائيًا.
الجزء الأكثر ر*عبًا جاء من الكاميرا الرقمية لليزان، حيث اكتُشفت مئات الصور الغامضة: ظلام دامس، أوراق أشجار تضيء أحيانًا بفلاش، قطع بلاستيكية حمراء مرتبة بعناية على أعواد، مناديل متناثرة ومرآة صغيرة على صخرة. أما اللحظة الأكثر ر*عبًا، فكانت صورة التقطت في الساعة 1:49 صباحًا، تظهر رأس كريس من الخلف، وعلى وجهها علامات غامضة توحي بوقوع شيء فظيع، رغم عدم وجود تأكيد لوجود د*ماء. وهناك صورة رقم 509 التي اختفت دون أثر، مما يثير شكوكًا بأنها حُذفت عمداً أو تلفت.
ثم جاءت الصد*مة، في عمليات البحث التالية، عُثر على بقايا بشرية متناثرة: قدم داخل حذاء، قطعة من الحوض، وعظام مختلفة. وتم التأكد عبر تحليل الحمض النووي أن العظام تعود إلى كريس وليزان. الغريب أن بعض بقايا ليزان ما زالت تحمل بعض الجلد، في حين بدت عظام كريس مبيضة ومستوية بشكل غير طبيعي، مع وجود مستويات عالية من الفسفور لا تتناسب مع بيئة المنطقة. ولم تظهر العظام علامات عن*ف أو قطع، مما زاد من غموض القضية.
التقارير الرسمية تناوبت بين فرضيات القت*ل أو الاخت*طاف، لكنها اختتمت بأن الفتاتين تو*فّيتا في حادث مأ*ساوي ناجم عن التضاريس الوعرة: منحدرات خط*يرة، تيارات نهرية قوية، وغابة لا ترحم. رغم ذلك، بقيت الأسئلة والأسرار معلقة.
تداولت نظريات عدة، بعضها يعتقد بوجود جر*يمة منظمة، والبعض ربط الحادث بالاتجار بالأعضاء، بينما هناك من قال إن الغابة وأخطائها هي التي ابتلعتهما.
بعد مرور أكثر من عقد على اختفائهما، يظل لغز ليزان فروون وكريس كريميرز من أكثر الألغاز غموضًا وإيلا*مًا في أمريكا الوسطى. قصة تثير الفضول والر*عب، وتحفر في الذاكرة كلما حاول أحد كشف الحقيقة.
هل كانت غابة بركان بارو شاهدة على نهاية مأ*ساوية لمغامرة بحث عن الخير؟ أم أن هناك شيئًا أعمق وأظلم يختبئ بين الظلال وأوراق الأشجار؟ هذا هو السؤال الذي لا يزال ينتظر من يرفع الغموض عنه.