11/11/2025
[منقول]👍🫡
التعامل مع الشخصيات السامة دون أن نفقد أنفسنا
ليست كل المعارك التي نخوضها في الحياة ظاهرة للعيان. بعضها يحدث في صمت، داخل العلاقات اليومية التي تُرهق الروح وتستنزف طاقتها. فكم من إنسان خرج من حديثٍ قصيرٍ مثقلًا بالتعب، وكأنه خاض معركة طويلة؟
تلك هي السُّمِّيَّة التي لا تُرى بالعين، لكنها تُشعَر في القلب.
الشخصيات السامة لا تحمل بالضرورة شرًّا متعمدًا، لكنها تملك طريقة في العيش تُربك من حولها. فهي تُضعف الثقة، تُكثر النقد، تُقلل من قدر الآخرين، وتبث شعورًا دائمًا بعدم الكفاية.
والسؤال الأهم ليس: كيف نُبعدهم؟
بل: كيف نحافظ على أنفسنا دون أن نفقد اتزاننا الإنساني؟
أولًا: الوعي لا المواجهة
من الحكمة ألا ندخل صراعًا مع كل سلوك مؤذٍ. كثير من الناس يُحركهم ألم داخلي لم يتعاملوا معه بعد، فيُسقطونه على الآخرين. إدراك ذلك يجعلنا نرى تصرفاتهم لا كتهديد لكرامتنا، بل كعلامة على اضطرابهم الداخلي. الوعي هنا هو درعٌ ناعم يحمي النفس دون أن يُدخلها في صدام.
ثانيًا: المسافة التي تحفظ السلام
ليس كل ابتعادٍ هروبًا، وليس كل صمت ضعفًا.
أحيانًا يكون الابتعاد المؤقت نوعًا من الرحمة بالنفس. أن نخفف الاحتكاك لا يعني أننا نكره، بل أننا نحافظ على أنفسنا كي لا نتحول إلى ما نكره.
الذكاء في العلاقات ليس أن نحتمل كل شيء، بل أن نعرف متى نُغلق الباب دون أن نكسره.
ثالثًا: عدم السماح للآخر أن يُعرّفنا
من أسوأ ما تفعله الشخصيات السامة أنها تُربك ملامح هويتنا، تجعلنا نشك في قيمتنا، وتدفعنا أحيانًا إلى التبرير المستمر.
القلب الواعي لا يترك صورته في يد أحد، لأنه يعرف أن قيمته ثابتة لا تُقاس بمدحٍ ولا تُمحى بذمّ.
رابعًا: تحويل التجربة إلى حكمة
كل تجربة مؤلمة تحمل درسًا إذا نظرنا إليها بعين التعلم لا بعين الغضب.
الشخصيات السامة تكشف لنا نقاط ضعفنا: أين نتأثر؟ وأين نفقد السيطرة؟ وأين نحتاج أن نقوى؟
إنها مرايا حادة، لكنها صادقة، تُظهر ما لم نكن نراه في أنفسنا.
خامسًا: الحفاظ على نقاء القلب
الخطر الأكبر ليس في السلوك السام، بل في أن نصبح نسخة منه دون أن نشعر.
النضج الحقيقي هو أن نمر بالتجارب المؤذية دون أن نفقد طيبتنا، أن نتعامل بوعي دون أن نتحول إلى قسوة، وأن نحمي أنفسنا دون أن نغلق أبواب الرحمة في قلوبنا.