10/08/2025
لماذا ترتفع الأسعار في أوريكا؟ نظرة من الداخل لفهم المعادلة الصعبة
مرحباً بكل زوار مناطقنا الجميلة، من أوريكا وسيتي فاطمة إلى كل الوديان الخلابة التي تزخر بها بلادنا. نرى ونقرأ تعليقاتكم على وسائل التواصل الاجتماعي، ونسمع إحباطكم من "غلاء الأسعار"، ونتفهم تماماً شعوركم بالصدمة أحياناً عند رؤية فاتورة طاجين أو مشروب.
قبل إطلاق أحكام "الجشع" أو "الاستغلال"، ندعوكم للحظة لتنظروا إلى ما وراء الواجهة، لتفهموا القصة الكاملة التي يعيشها سكان وعاملو هذه المناطق. هذا ليس تبريراً للمغالاة، بل هو شرح لواقع اقتصادي قاسٍ ومحفوف بالمخاطر.
1. اقتصاد "الشهرين": سباق لتغطية مصاريف سنة كاملة
المشكلة الأولى والأساسية هي أن أغلب دخل هذه المناطق يعتمد على شهرين فقط: يوليوز وغشت. خلال هذه الفترة القصيرة، يجب على العاملين في السياحة تأمين مصاريفهم ومصاريف أسرهم للأشهر العشرة المتبقية من السنة، والتي يكون فيها النشاط شبه منعدم. إنه سباق ضد الزمن لتأمين قوت سنة كاملة في 60 يوماً.
2. عبء الكراء السنوي: دفع إيجار 12 شهراً من دخل شهرين
وهنا نقطة حيوية لا يعرفها الكثيرون: "المسيّر" الذي يدير المقهى أو المطعم لا يكتريه لشهرين فقط، بل يلتزم بعقد كراء لمدة سنة كاملة. تخيل حجم الضغط المالي: عليه أن يدفع إيجار 12 شهراً، لكن مدخوله الأساسي يأتي من شهرين فقط. هذا يعني أن أرباح الصيف يجب أن تغطي إيجار ومصاريف الخريف والشتاء والربيع، بالإضافة إلى أجرته الشخصية. المعادلة تصبح صعبة للغاية، وتنعكس مباشرة على الأسعار.
3. مواجهة خطر الوادي: تكلفة إعادة البناء من الصفر
هذا هو العامل الخفي والأكثر تأثيراً. هذه المقاهي والمطاعم التي تجذبكم بقربها من مجرى المياه، هي نفسها التي تكون في الصف الأول عند حدوث الفيضانات. عندما يرتفع منسوب مياه الوادي، فإنه يجرف معه كل شيء.
يجد صاحب المشروع نفسه قد خسر كل استثماره في لحظات، وعليه أن يبدأ من الصفر. عملية إعادة بناء وإصلاح المقهى قد تكلفه ما يصل إلى 30,000 درهم أو أكثر بعد كل فيضان. هذا المبلغ ليس بسيطاً، ولا توجد شركات تأمين تغطي هذا النوع من المخاطر الطبيعية.
إذن، السعر الذي تدفعه ليس فقط من أجل وجبتك الحالية، بل هو يساهم بشكل غير مباشر في بناء "صندوق طوارئ" لدى صاحب المشروع، ليتمكن من الوقوف على قدميه مجدداً بعد الكارثة القادمة التي يعتبرها أمراً حتمياً.
خلاصة ونداء من أجل فهم مشترك
عندما نجمع هذه العوامل الثلاثة: (1) موسم قصير جداً، (2) عبء الكراء السنوي، و(3) خطر الفيضانات وتكاليف إعادة البناء، تبدأ صورة الأسعار بالاتضاح.
هذا لا يعني قبول كل الأسعار دون نقاش، فبالتأكيد هناك من يستغل الوضع. لكننا نأمل أن تساهم هذه النظرة من الداخل في خلق فهم أعمق للواقع الاقتصادي والبيئي الذي يعمل فيه هؤلاء الناس. إنهم يخاطرون برأس مالهم كل سنة في مواجهة الطبيعة وتقلبات السوق من أجل توفير لقمة العيش.
زيارتكم لمناطقنا هي شريان الحياة، ودعمكم أساسي. دعونا نبني علاقة مبنية على الشفافية والتفاهم، لنضمن تجربة ممتعة وعادلة للجميع.
#اوريكة