12/06/2023
الكلب و الصياد
" يبعد الله عنا أشياء نظل طوال الوقت نركد خلفها،
لكنه يمنحنا أشياء أخرى لم تكن في متوقعاتنا..."
جاءت عطلة الأسبوع، وها هو ذا صاحب القبعة البنية يشق طريقه إلى المرتفعات من جديد، إنه يحب صيد سمك السلمون بصنارته على ضفاف نهر عذب يتسلل بين الجبل المجاور لمدينته الناشئة، هكذا كان يقضي سنواته العشر الماضية، بين العمل وممارسة هوايته المفضلة، أتَمَّ في الشهر الماضي سنته 40، و رغم كبره هذا لازال يحتفظ بالكثير من الذكريات الجميلة على ضفاف النهر.
وما إن وصل لماكن جلوسه الدائم، وضع حقيبته على الأرض فغرز الطعم في الصنارة وألقى به في النهر بحركة واحدة، وراح ينتظر سمكته، ويتأمل صورته على صفحة مياه النهر، مرت 30 دقيقة ولم تتحرك الصنارة قط، أصبح صاحب القبعة صبورا أكثر من ذي قبل، كان ذلك طبيعي بالنسبة له، راح يجترُّ ذكرياته
الجميلة، والغابرة في تلك الأنفاق الغامضة من ماضٍ سحيق يقبع داخل رأسه المكور.
مرت الساعات واحدة تِلوَ الأخرى، والدَّلوُ لازال خاوي الوفاض، كان الرجل حينذاك يغير طعم الصنارة ومَوضِعها من آن لآخر، إلى أن اقترب موعد الغروب فهَمَّ بالمغادرة، وقبل أن يجذب خيط صنارته لاحظ تزحزحها وسرعان ما اعتلت وجهه ابتسامة رِضى، أدار المقبض بحذر وازداد شعور الفضول بداخله حينذاك، خاصة حين شعر بقوة السمكة وهي تجذب الخيط، وفجأة...، انتفض جسده بقوة ورمى الصنارة بعيدا عنه، ولاذت السمكة بالفِرار، انتفض جسده حينما سمع نباح كلب مفاجئ بالقرب منه، كان ينبح في صفحة المياه باستمرار، كظَمَ الرجل غضبه فرَكل الدَّلو بعنف، وتوجه نحو الكلب، قفز الكلب في المياه معاركا لشيء ما بداخلها، فغر فاه الرجل حينئذ.
ظهر بريق ذهبي تحت مياه النهر الصافية، كان الكلب لايزال داخل النهر فنزل الرجل كذلك، حبس أنفاسه واختفى تحت الماء، بعد حوالي خمسة دقائق خرج الرجل و في يده إناء فخاري قديم، وقد اختفت معالم الغضب واليأس من وجهه، حمل أمتعته وعاد للمنزل، أما الكلب فغادر أدراجه بين الأشجار ينفض الماء عن جسمه.