02/05/2025
في مشهدٍ يطبعه التناقض الصارخ والانفصام عن الأعراف الدبلوماسية الرصينة، تطلّ علينا الجمهورية الجزائرية عبر أبواقها الإعلامية لتصف ما ورد في قناة إماراتية بـ”التصعيد الإعلامي الخطير”، وبلغ بها الأمر إلى نعت دولة الإمارات العربية المتحدة بـ”الدويلة المصطنعة”، وكأنها بذلك تنصّب نفسها وصيّة على القيم والسيادة والهوية. تناست الجزائر، أو تجاهلت عن قصد، أنها تُعد من أكثر الدول في المنطقة توظيفاً لخطاب التحريض والعداء، عبر برامج يومية وحملات رسمية موجهة ضد جارتها الغربية، المملكة المغربية، التي لطالما مدّت يدها للسلام والدعوة إلى حسن الجوار.
تعيش #الجزائر، اليوم، حالة من السُّعار السياسي والدبلوماسي نتيجة لعزلتها المتفاقمة داخل الفضاءين العربي والإفريقي، بعدما جعلت من دعم الحركات الانفصالية عقيدة ثابتة في سياستها الخارجية، ولو على حساب استقرارها ومصالح شعبها. هذا الإصرار غير المفهوم على معاداة وحدة أراضي الدول، وعلى رأسها المغرب، بات عبئاً يُكلّف الجزائر تراجعاً في مكانتها الإقليمية والدولية.
والسؤال الجوهري الذي يفرض نفسه: لماذا تتدهور علاقات الجزائر مع كل دولة تعترف بمغربية الصحراء؟ هل يُعقل أن تكون كل هذه الدول – من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وكذا إسبانيا إلى دول الخليج وإفريقيا وأمريكا اللاتينية – على خطأ، والجزائر وحدها تملك الحقيقة؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون رفضاً مرضياً لمعادلة دولية جديدة لا مكان فيها للخطابات المتحجرة والأحلام الوهمية؟
إن التناقض بين ما تدّعيه الجزائر من مبادئ السيادة ووحدة الشعوب، وما تمارسه فعلياً من هجوم على جيرانها وخصوماتها المفتعلة، لا يكشف فقط عمق أزمتها الداخلية، بل يُظهر افتقارها إلى رؤية عقلانية تقرأ التحولات الجيوسياسية بوعي ومسؤولية.
© هيثم لحجيري