30/06/2022
https://www.facebook.com/1632317200339419/posts/3199370430300747/
مغرب ينطلق ،اعلام منغلق ،وشعب قلق ...
بقلم د سدي علي ماءالعينين ، اكادير ،يونيو،2022.
تنتصف سنة 2022, و العالم كله يضع يده على قلبه ،فبعد جائحة كورونا ،هاهي حرب روسيا على أوكرانيا تزيد الوضع تعقيدا منذ شهور .
المغرب الذي خرج من أزمة كورونا بثقة في تكافله الإجتماعي ،وتبصر قيادته الرشيدة ، يواجه تداعيات الحرب بحكمة ،رغم ان تجار الحروب يمتصون دماء المغاربة بلا وازع وطني ،مثل كثير من شاكلتهم بمختلف دول العالم.
رغم ذلك فالمغرب يعيش انتعاشة غير مسبوقة ليس فقط في مواجهة تقلبات الوضع الدولي ،ولكن أيضا في رسم معالم مغرب يمكن القول انه في العشرينية المقبلة سيكون من الدول النامية ، ويبقى عائقه الوحيد ،الوضع الاجتماعي الذي يبارح مكانه بحكم حالة القطاعات الأساسية من تعليم وصحة وقضاء و امن ،
لا يمر يوم دون ان نسجل مكاسب مغربية نراكمها لصالح المستقبل ،ولعل ابرزها بارتباط بالديبلوماسية الوطنية هو وضع ملف الوحدة الترابية في تشكل التوجهات الدولية ،
هي ديبلوماسية قد تبدو مرجعيتها كلاسيكية في البحث عن مكاسب لوحدتنا الترابية ،لكنها أيضا تخرج تدريجيا من هذه القوقعة وترسم معالم ديبلوماسية السيادة والمنافسة والتحالف المبني على رابح/رابح.
بالجهات والمدن ،والمداشر والقرى ،لا يمكن ان تغفل عين المتتبع حجم الاستثمار في البنية التحتية والمنشآت ،و حجم الاستثمار العمومي في تحسين وضمان جودة المجال.
مشاريع عملاقة ،و مؤسسات تربوية وتكوينية استراتيجية، تنوع في المبادلات الاقتصادية ،وحسن تدبير قطاعي يخلق التوازن الواجب بين مختلف مرافق الحياة العامة .
وقراءة استباقية للوضع الدولي يجعل العمل الاستخباري المغربي مزروعا في مختلف ربوع العالم يسخر قدراته لحفظ السلام ومحاربة الإرهاب ،و التخفيف من حدة الأزمات والارتدادات الاجتماعية وفي مقدمتها الهجرة والامن الغدائي والحروب الأهلية ...
يبقى السؤال المحير :
كيف لنظام بكل هذا الزخم من المنجزات يحتفظ باعلام جامد ،يختزل المنجزات في وصلات إخبارية فجة ،و يدير ظهره لفلسفة التحليل والنقاش ،و يغيب المنجز في تفاصيله وفي دلالاته وعمقه ؟
هناك نظام يبني ويراكم المنجزات ،في مقابل شعب ، فئات عريضة منه تعيش خارج زمن هذا التراكم ،وتواصل سخطها على محيطها و دولتها ومؤسساتها ،و مبررها في ذلك غياب الأثر اللازم لكل ما ينجز على حياة المواطن ومستقبله.
شعب غارق في التدبير اليومي ،و يوجهه إعلام دولي متوحش قادر على زعزعة عقيدة المواطن مثلا اتجاه صحة ملكه ،و صلابة اقتصاده ونجاعة ديبلوماسيته ،و قدرة وطنه على ضمان مركز بين الاقوياء ،
شعب يوجهه إعلام الخصوم ،و انفعالات فضاء التواصل الاجتماعي ، و يعيش فراغا في التوجيه والتأطير ،فيسقط فريسة عنف الملاعب ،والجريمة ،و كل أشكال الفساد الاجتماعي من مخدرات وانحلال اخلاقي و غياب المسؤولية في الأسرة والعمل ،مما يؤسس لانحلال وخلل في منظومة القيم.
وضع يزداد قتامة في غياب صوت الأحزاب التي تحولت بارادة حسابات مابعد الربيع العربي و مخططات النظام ،و عوامل ذاتية قاتلة ، الى مجرد هياكل بلا روح ،
احزاب لم يبقى منها سوى الاسم ،لا هي بفاعلة ولا مؤثرة ولا مؤطرة كما نص على ادوارها دستور 2011.
قبل مطلع السنة المقبلة ،يبدو انه من الضروري فتح الفضاء البصري على القنوات الخاصة ،وربما في مرحلة أولى تخويل الأحزاب السياسية إمكانية تأسيس قنوات عمومية خاصة ،يمكنها ان تعوض الهجرة الجماعية للمناضلين والمتعاطفين لمقرات الأحزاب التي تعاني رغم قلتها من غياب تصور واضح لتشغيلها ، فبقيت فارغة ،إن لم تكن مغلقة .
فماذا لو تحولت المقرات بمجموع التراب الوطني الى استوديوهات لقنوات الأحزاب تبث نقاشات عمومية موجهة للسياسة العمومية ،و استقبال أصوات المجتمع للتعبير عن القضايا والازمات ؟
ماذا سيخسر المغرب ان هو جعل ما يتداول في شبكات التواصل الاجتماعي ،مادة إعلامية موجهة ومؤطرة عبر إعلام مواطن أساسه المواطنة والوطنية ومنبعه البناء و مصبه الإنسان ،المواطن ،و الفاعل المبدع الذي يحتاج لفضاء للتعبير.
غبن ان لا يستوعب نظامنا حاجته لاعلام يحتوي ويوجه صوت المواطن في إطار حقوقي أساسه حرية تعبير مؤطرة باحترام التوابث.
فمتى يصحو الحاكمون من سباتهم ويضعوا نصب اعينهم تأسيس إعلام يبرز المنجز ويناقش المنتظر و يحد من تحاقن اجتماعي وجد ظالته في الشارع بعيدا عن تأطير النظام؟
لماذا تخيفكم الصورة ،و تشككون في كل صوت بناء ؟
كفى من الميوعة ،واهلا باعلام يحتظن الأصوات المسموعة ،
غير ذلك ستصبح بلادنا اتجاه شعبها , كما يقول المثل المغربي :
" بحال لي تشطح في الدروج ،الفوقانيين ماشافوها ،والتحتانيين ناشافوها "!!!!
فهل تعتبرون ؟