
15/02/2024
الحلقة الثانية من رواية ( ارض زيكولا )
كان خالد يظن أنه يتحدث إلى نفسه وحيداً ..
و لم يكن يعلم أن هناك من يسمع حديثه إلى نفسه بصوت عالٍ خارج الحجرة ..
حيث وقف جده مجاوراً لباب الحجرة
يستمع إلى ما حدّث به نفسه ..
و رغم هذا لم تبدُ على وجهه أى دهشة , و كأن ما سمعه من حديثه عن نزوله السرداب أمر لم يمثل له أى اختلاف , بل بدا كأنه أمر توقع حدوثه ..
و ظل واقفاً حتى صمت خالد , و أُغلقت أنوار حجرته , و ساد الهدوء المكان لم يقطعه إلا هذا الصوت المميز الذى يعلمه جيداً حين ينام حفيده ..
*
بعدها غادر متكئاً على عصاه إلى حجرته
حيث جلس صامتاً على أريكته لدقائق
ثم حرك عصاه ليجذب بها صندوقاً خشبياً صغيراً بدا عتيقاً و فتحه , و أخرج منه ( ألبوم ) قديماً للصور غُطى بالكثير من الأتربة .. و بعدما أزاح عنه الأتربة بدأ يقلّب فى صفحاته صفحة تلو الأخرى , و يشاهد ما به من صور .. حتى توقف كثيراً عند إحداها ..
فى اليوم التالى استيقظ كل من خالد و جده مبكراً كما تعودا دائماً .. فخالد لديه عمله المبكر ,
و جده لا ينام بعد صلاة الفجر , و يظل يقرأ فى كتاب الله حتى ينهض خالد فيتناولا إفطارهما سوياً ..
و الذى تعده لهما فتاة تسكن بجوارهما
قد اعتادت على هذا منذ سنوات ..
حتى جلس خالد و كان ينظر إلى جده بين الحين و الآخر و كأنه يريد أن يخبره بشئ ..
حتى قطع صمته , و سأل جده :
- عبدو ( كما كان يحب أن يناديه ) ..
أنت تقدر تعيش لوحدك ؟
فنظر إليه جده .. و أظهر أنه لا يفقه سؤاله :
- أنت عايز تسافر و لا أيه ؟!
صمت خالد .. ثم نظر إليه مجدداً :
- لو سافرت لفترة قليلة .. تقدر تعيش لوحدك ؟ ثم أكمل .. و كأنه يوضح كلامه :
- أنا عارف إن كلامى صدمة ليك ..
بس أنا قررت إنى أسيب البلد لفترة ..
و أقسم لك إنى هرجع فى أسرع وقت ..
و مش هتحس بغيابى .. ثم حاول أن يبرر حديثه :
- أنا هسافر أى مكان ألاقى فيه نفسى ..
أحس فيه بوجودى .. أنت عارف ابن ابنك خريج كلية التجارة بيشتغل أيه ؟
- اه .. شغال فى مخزن أدوية ..
- ابن ابنك شغال شيال فى مخزن أدوية .. شيال ..
هات الكرتونة دى حطها هنا ..
خد الكرتونة دى وديها هناك ..
ثم همّ بالوقوف ليغادر .. و قال لجده :
- هسافر فترة مش طويلة .. ثم التفت خارجاً , حتى أوقفته كلمات جده :
- أنت ليه بتكدب يا خالد ؟! ..
أنت ليه مش عاوز تعرفنى إنك عاوز تنزل السرداب ؟!
كانت تلك ال