رحلة إلى عالم الحكايات

  • Home
  • رحلة إلى عالم الحكايات

رحلة إلى عالم الحكايات قصص جميلة ورائعة مكتوبة و مسموعة
(4)

 العنوان: "العفريت ... جاثوم أغاثا"..انطفأت الأنوار، ولم يعد "كريم" يرى شيئًا سوى العتمة تتراقص على أطراف الجدران، تتماي...
15/07/2025



العنوان: "العفريت ... جاثوم أغاثا"
..انطفأت الأنوار، ولم يعد "كريم" يرى شيئًا سوى العتمة تتراقص على أطراف الجدران، تتمايل كظلال أرواح هائمة...
وفي تلك اللحظة التي ظنّ فيها أنه وحده، كان هناك من يراقبه.

جلس على الأريكة، أدار جهاز الموسيقى، واختار بعض الأقراص الكلاسيكية الهادئة، محاولًا تهدئة أعصابه، وكأن النوتات تستطيع أن تبعد عنه ما لم يفهمه بعد.
فتح زجاجة نبيذ معتّقة، استنشق عبير الشموع المعطّرة التي تركتها زوجته "ليانا" قبل مغادرتها، ثم أغمض عينيه وغرق في غفوة خفيفة، لم يدم طمأنينتها سوى دقائق.

كان هناك شيء ما يضغط على صدره.

في البداية، ظنّ أن "ليانا" قد عادت، وأنها تضع يدها عليه كعادتها حين توقظه برفق... لكنه عندما فتح عينيه، اختنق قلبه من الرعب.

كانت هناك... عجوز بشعة، بأنف معقوف كالخطاف، ووجه تغزوه التجاعيد كأنها ندوب قرون مضت.
كانت جالسة على صدره.

لم يكن قادرًا على الحركة، يديه وقدميه كأنها شُلت، ولسانه لا يستجيب.
كانت عيناها صفراوان، يحيط بهما شعيرات دموية تتخلل القزحية الرمادية، وفمها ينبض بلعاب أصفر يسيل من بين ثلاثة أسنان متعفنة.

قالت بصوت خشن كخدش مسمار على زجاج:

> "أنت بخير... وسأبقى هنا، معك... ومع زوجتك، إن رغبت."

كانت كأنها تمزح... لكنها لم تكن كذلك.

حاول "كريم" أن يُقنع نفسه بأنه كابوس، أن ذلك مجرد حلم ثقيل، ولكنها لعقت شفتيها ثم اقتربت منه، تمسّد على خده بأصابع تشبه مخالب الطيور النافقة.

أغلق عينيه بقوة، وعندما فتحهما... ما زالت هناك، أكثر قربًا، أكثر رعبًا.

جمع قواه أخيرًا، وصرخ... لكنها صرخت أيضًا، صرخة احتجاج كأنما أزعجها من حلمها، فرفع ذراعه وصفعها بكل ما أوتي، لكنه شعر كأنه ضرب كيسًا مملوءًا بالعظام المبللة.

اختفت.

لكنه حين نظر إلى طرف الغرفة، وجدها واقفة بظهرها المحني، تطفئ الشموع الواحدة تلو الأخرى بأصابعها المبتلة، وهي تبتسم له ابتسامة تفتح أبواب الجحيم.

صرخ، وركض إلى سيارته، انطلق بها بأقصى سرعة، ولم يلتفت خلفه.
لكنه شعر بها في السيارة، كانت تمرر أصابعها بين خصلات شعره، كأنها تلعب به.

وصل إلى منزل صديقه أمين بولارد، طرق الباب بجنون، فتح أمين وهو في ثيابه المنزلية، وعلى وجهه علامات الصدمة:

> "كريم؟ ما الذي جرى لك؟"

دخل كريم مرتبكًا، يتصبب عرقًا، جلس على الأرض وهو يلهث، ثم قال:

> "أمين... أعتقد أنني جلبت... شيئًا معي من ذلك المنزل القديم."

روى له القصة كاملة: عن مارسيلا، وعن أغاثا، وعن الضحك، وعن العجوز التي زارته، وعن الأصابع التي مرّت على رأسه وهو يقود السيارة.

قال أمين وهو يحاول التماسك:

> "يبدو أنك... دعوت شبحًا للعيش معك. وأظنها قبلت."

حدّق كريم فيه بذهول:

> "شبح؟ هذا... هذا الشيء شيطاني! كيف أتخلّص منها؟"

أجاب أمين بعصبية:

> "لا أعلم... قل لها فقط أن تغادر!"

صرخ كريم:

> "وكأنها طفلة ستسمع كلامي! هل تملك نسخة من الكتاب المقدس؟"

ابتسم أمين بسخرية مرتبكة:

> "ما الذي تفكر فيه يا رجل؟"

كرّر كريم:

> "هل معك الكتاب؟"

قال أمين وهو ينهض بتردّد:

> "أجل، لم أفتحه من قبل... لكن معي نسخة."

أحضر الكتاب، وانتزعه كريم بشدة وهو يتمتم:

> "أدعو الله أن يجدي هذا نفعًا..."

ركب سيارته، وعاد إلى منزله، وفي قلبه عاصفة لا تهدأ.

في تلك الليلة، جلس في صالة بيته، وضع الكتاب المقدّس بجانبه، وأخذ يتابع التلفاز محاولًا التشاغل.

ثم... رآها.

أغاثا، واقفة في الزاوية، لكن هذه المرة... كانت خائفة.

قال بصوت ثابت:

> "ما بك؟ اقتربي إن شئت."

قالت بصوت مرتجف:

> "ألقِ بالكتاب بعيدًا... وسأقترب."

قال لها:

> "هل أنتِ أغاثا؟"

همست وهي تحدق بالكتاب بنظرة فزع:

> "نعم... لا أحبّه... أرجوك، تخلّص منه."

تقدّم كريم نحوها ببطء، حاملاً الكتاب، وقال:

> "أتعلمين؟ لا أريدك هنا... أخرجي من بيتي."

ابتسمت أغاثا ابتسامة حزينة:

> "أنت تمزح... أعلم أنك تحبني."

قال بصوت حاد:

> "بسم الله، أطلب منك أن تتركي هذا البيت فورًا!"

صرخت، وبدأت تتلاشى، وهي تتمتم:

> "أنت تحبني... ستندم..."

واختفت.

في اليوم التالي، وضع كريم نسخًا من الكتاب المقدس في كل غرفة من غرف منزله.
لم تعد أغاثا تظهر بعدها، لكن... ظلالها ظلت في أحلامه.

كلما أغمض عينيه، وجدها في ركن من الذاكرة، تنظر إليه، تهمس له، تبتسم له بوجهها المجعّد، كأنما بقيت قطعة منها بداخله.

وبحسب علماء النفس، فإن حالة "كريم" تُعرف علميًّا باسم: "متلازمة العجوز الجاثمة"، وهي تجربة واقعية يشعر فيها المصاب بأنه عاجز عن الحركة، يُهاجمه كيان شرير عند النوم أو الاستيقاظ المفاجئ، ويُطلق عليها شعبيًّا اسم "الجاثوم".

لكن كريم، حتى اليوم، لا يعتقد أنها مجرد متلازمة.

بل زيارة... قبل أن تختار أغاثا بيتًا جديدًا.

---

🕯️ رسالة إلى القارئ:

> هناك من لا يغادرون... بل ينتظرون فقط من يدعوهم.
وإن استقرّوا في بيتك، فاعلم أنك لن تعود وحدك أبدًا.
لا تعبث بالمنازل القديمة، فبعض الأرواح لا تنام... بل تستيقظ حين تُنكرها.

---

🕸️ هاشتاغات للنشر:

#العفريت2













العنوان: "العفريت... من بقي في البيت"في عام 1990، وفي إحدى ضواحي ولاية لويزيانا، حيث تتعانق الأشجار حتى تبدو كالسراديب، ...
15/07/2025

العنوان: "العفريت... من بقي في البيت"

في عام 1990، وفي إحدى ضواحي ولاية لويزيانا، حيث تتعانق الأشجار حتى تبدو كالسراديب، وحيث تمتزج رائحة الأرض الرطبة برماد الماضي، اشترت مجموعة من المطورين العقاريين قطعة أرض واسعة على حافة مستنقع قديم. كانت الأرض خالية إلا من منزل خشبي مهترئ يقف في طرفها، كأنه نسي أن ينهار مع الزمن.

المنزل كان قد بُني عام 1870، ويملكه رجل في السبعين يُدعى والتر هامفري، لم يكن من النوع الذي يتردد كثيرًا حين تُعرض عليه الأموال، فوافق على البيع بسرعة مذهلة، خاصة أن المبلغ الذي قدّمه المطورون كان خياليًا. إلا أن الأمر لم يكن بتلك البساطة.

فقد كان المنزل مأهولًا باثنين من كبار السن، هما السيد أديلارد وزوجته مارسيلا. كلاهما مريض، يكاد الجسد لا يحمل أرواحهما. عاشا في البيت منذ أربعة عقود، يرفضان مغادرته مهما تغيّرت الظروف.

طلب والتر منهما المغادرة عدة مرات، بل عرض عليهما تعويضًا سخيًا، لكن مارسيلا نظرت إليه بعينين زجاجيتين وقالت:

> "بيوت الجسد يمكن بيعها، أما الروح... فتموت إن اقتُلعت من جدرانها."

استعان والتر بالسلطات، فحُمل الزوجان إلى دار الرعاية الصحية، وأُفرغ المنزل تمهيدًا للهدم.

في اليوم الذي تم فيه نقل العجوزين، جاء المطوّر العقاري، كريم رودجرز، رجل أربعيني ذو أناقة صارخة، وبدلة رمادية لم تُلطخها خطوات الوحل من كثرة ما اعتاد المشي على الأرصفة الناعمة فقط.

كان واقفًا بجوار والتر، يتفقدان محيط المنزل، حين خرجت مارسيلا وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة. فجأة التفتت نحو كريم وقالت بصوت خفيض حاد:

> "إلى أين ستذهب أغاثا؟ إنها لا تحب الانتقال."

قطّب كريم حاجبيه وسأل:

> "أغاثا؟ من تكون؟"

ابتسمت مارسيلا بمرارة وقالت:

> "امرأة عجوز مثلي، كانت تسكن معنا في الجناح الخلفي للمنزل... لا تطيق الكنائس، ولا تحب أن يُلقى عليها السلام."

همس والتر لكريم:

> "لا تصغِ إليها كثيرًا... عقلها مشتّت منذ سنوات."

لكنه، على سبيل المزاح، قال:

> "لا بأس، إن أرادت السيدة أغاثا البقاء، يمكنها السكن معي!"

ضحكت مارسيلا ضحكة باهتة، ثم التفتت نحو المنزل وقالت بصوت أعلى، وكأنها تخاطب أحدًا بداخله:

> "هذا الرجل هنا... يقول إنكِ تستطيعين الذهاب معه!"

سادت لحظة صمت طويلة... ثم قالت:

> "إنها تقبل دعوتك، طالما أن بيتك لا يقع قرب كنيسة."

ضحك كريم متصنعًا:

> "لا تقلقي، نحن بعيدون عن كل ما هو مقدس."

لكن الضحك لم يدم طويلاً...

من داخل المنزل المهجور، سُمع ضحك أنثوي غريب، كأن صوتًا خفيًا كان يتلصص الحديث، ويجد في سخريتهم سُلوى مريضة.

تجمّد الجميع، نظر كريم إلى والتر وسأله:

> "هل سمعت ذلك؟"

وضع والتر يده على جبهته، كأنه تذكّر أمرًا خطيرًا، ثم قال بصوت متعجّل:

> "اللعنة... نسيت أنني كنت سأصطحب أحفادي من المدرسة!"
وغادر كأن الموت يطارده.

أما كريم، فركب سيارته بسرعة وعاد إلى منزله الفخم في الضاحية الشرقية.

لكن اللحظة التي أدار فيها المفتاح ليغلق الباب، لمح من مرآة السيارة شيئًا غريبًا.

شخص ما... أو شيء ما... ترجّل من المقعد الخلفي بعده.

التفت كريم بسرعة، لكن السيارة كانت خالية تمامًا.

دخل إلى بيته مرتبكًا. كانت زوجته، ليانا، تجهز مائدة العشاء.

قال لها:

> "أقسم أنني سمعت ضحكة في البيت القديم... وضحكة أخرى حين غادرت."

قالت ليانا وهي تقطع الخبز:

> "ربما بدأت تندمج أكثر من اللازم في أجواء الريف... هذا كل ما في الأمر."

ثم أضافت:

> "سأخرج بعد قليل، سأساعد هيلين في تجهيز حفل زفافها."

وهكذا، تُرك كريم في البيت وحيدًا، أو هكذا ظن.

جلس على الأريكة، يشاهد التلفاز، لكن الصوت في أذنه لم يكن من المسلسل...

كان هناك نفسٌ أنثوي خلف عنقه.

التفت بسرعة... لا أحد.

ثم رأى على الطاولة المجاورة كوبًا ممتلئًا لم يضعه، وكأن أحدًا كان يشرب القهوة للتو.

سار إلى المطبخ. كل شيء كما هو... سوى أن النافذة كانت مفتوحة، والستائر تُحركها ريح غير موجودة في الخارج.

أغلق النافذة وعاد إلى غرفة الجلوس.

على شاشة التلفاز لم يكن هناك بث. فقط خطوط رمادية متقطعة، وصوت همسات متداخلة كأنها تبكي وتضحك في آنٍ معًا.

ثم سمعها بوضوح...

صوت امرأة تقول:

> "قلت لك إنني لا أحب الكنائس..."

تجمّد كريم في مكانه.

وقف، التفت خلفه، كان المنزل ساكنًا، لكن الضوء فوق السلم خفت فجأة، وظهر على الجدار ظلّ لامرأة ذات شَعر منفوش، تمشي ببطء نحو الممر.

حاول أن يصرخ، لكن صوته لم يخرج.

ثم...

انطفأت الأنوار.

---

📜 يتبع في الجزء الثاني ستجده هنا 👇...

---

#العفريت















هل ترغب أن أبدأ بكتابة الجزء الثاني الآن؟

العنوان: "حين رأيتُ جنازتي تمرّ أمامي"في الريف الوادع من مقاطعة "غلامورجان"، حيث التلال تتهامس مع الريح، والسهول تمتد كأ...
15/07/2025

العنوان: "حين رأيتُ جنازتي تمرّ أمامي"

في الريف الوادع من مقاطعة "غلامورجان"، حيث التلال تتهامس مع الريح، والسهول تمتد كأنها سجّادة خضراء لا نهاية لها، عاش فلاح يُدعى نعيم الجبيري، رجل في أواخر الخمسين من عمره، كثّ الشاربين، عميق النظرة، صبور كأرضه التي يفلحها منذ نعومة أظافره.

كان يعيش في منزل قديم من الحجر الرمادي مع زوجته هدى، امرأة رزينة الطبع، ذات قلب يفيض حنانًا، ومعهما أولاده الثلاثة: شاكر، مؤيد، وغالية. كان الابن الأكبر، شاكر، شابًا قويًا يعمل مع أبيه في الحقول، وذو وفاء لافت لوالده.

ذات مساءٍ من أواخر الخريف، وكان نعيم قد أنهى بيع محصول الشعير في سوق البلدة وعاد ممتطيًا حصانه العجوز "رمّاح"، سار به في طريق العودة المعروف، ذلك الممر الطويل المتفرع من الطريق العام، الممتد بين أشجار البلوط العتيقة التي تلوح وكأنها حرّاس الليل.

كانت الشمس تذوب خلف الأفق، والضباب بدأ يتسلل كوشاح من الأشباح الزاحفة.

فجأة، وقبل أن يصل إلى مفترق ممر بيته، توقّف رمّاح فجأة.

ضربه نعيم بخفة:

> "ما لك توقفت؟ الطريق خالٍ، أم أنك تعبت من صعود التلة؟"

لكن الحصان لم يتحرك، بل أخذ يشخر بخوف ويرتجف. رفع نعيم رأسه، فرأى ما لم يكن يخطر له على بال...

موكبٌ من الناس يسير في صمت تام، لا صوت لخطواتهم، لا خشخشة لملابسهم، ولا حتى صوت أنفاس. كانوا يرتدون السواد، رؤوسهم منحنية، يحملون نعشًا خشبيًا داكن اللون، ويمشون كما لو كانوا خارج الزمن.

وفي مقدّمة الموكب... رأى هدى، زوجته، بثياب سوداء، ملامحها باهتة كأنها من ضوء القمر، تمسك يد شاكر الذي بدا أكبر سنًا مما هو عليه، وجهه شاحب، وعيناه تنظران إلى الأرض.

همس نعيم لنفسه:

> "هذا... مستحيل."

اقترب الموكب، ولم يلتفت إليه أحد، كأنهم لا يرونه، لا وجود له بينهم.

رفع عينيه إلى النعش المحمول، شعر بجسده يقشعر حين لمح بين شقوق الخشب اسمه مكتوبًا بخط نافر:
"نعيم بن سيف الجبيري"

صرخ بكل ما أوتي من صوت:

> "أنا هنا! لست ميتًا! ماذا تفعلون؟"

لكن صوته تلاشى في الهواء كدخان في الريح، واختفى الموكب فجأة... كأن الأرض ابتلعته.

وقف رمّاح من جديد، وتقدّم ببطء، وكأن شيئًا رُفع عن المكان. أما نعيم، فكان كالمخبول، ينظر خلفه مرارًا، يلتفت نحو الفراغ الذي مرّ منه الموكب، ثم أسرع إلى منزله.

دخل البيت مضطربًا، فهرعت إليه هدى:

> "ما بك يا رجل؟ شاحب الوجه، كأنك رأيت عفريتًا!"

جلس على كرسي خشبي قرب الموقد، يشهق وكأنه خرج من بحيرة باردة.

قال لها بعد صمت طويل:

> "لقد رأيت جنازتي تمر أمامي... وكنتِ في المقدمة... تبكين وتمسكين بيد شاكر."

تبادلت هدى وشاكر نظرات قلق.

قال الابن:

> "أبي... لعلك كنت مرهقًا. ربما كنت تهلوس."

لكن نعيم، الذي قضى عمره لا يخاف من الموت، قالها بحزم:

> "لا. ما رأيته كان يقظةً لا حلمًا، ورمّاح شاهدٌ على ذلك."

لم ينم نعيم تلك الليلة، وظلّ جالسًا يحدّق في الفراغ.

ومرّت الأيام، وكان نعيم يعيش بين الترقب والتسليم. ثم أصيب بحمّى مفاجئة، اشتدّت عليه في أيام قليلة. أُحضر له الطبيب، قال إنها عدوى صدرية، لكنها لم تُمهله طويلاً.

في ليلة هادئة، حضر أبناؤه حوله، وكانت أنفاسه الأخيرة ثقيلة.

همس لزوجته، وهو يبتسم رغم الألم:

> "الآن عرفت... الموكب لم يكن ليخيفني، بل جاء ليُنذرني... لأستعد."

قال شاكر باكيًا:

> "لا تقل هذا يا أبي. ستشفى."

لكن نعيم وضع يده على صدره وقال:

> "بل سأمضي كما رأيت... لكن لا تخافوا، فالحياة ليست ما نراه، بل ما نُدركه ونحن نودّعها."

وفي اليوم التالي... سارت جنازة نعيم من ذات الممر، تمامًا كما رآها قبل أسابيع.

وكانت هدى تبكي بثوبها الأسود، وشاكر يمسك يدها، وقد بدا أكبر سنًا.

ورأى الناس في جنازته رجلًا مات واقفًا، كما عاش واقفًا، لم ينهزمه خوف، بل قابله بفهمٍ وصبر.

---

🕯️ رسالة إلى القارئ:

> أحيانًا، تمنحنا الحياة نظرة خاطفة على الموت... لا لتخيفنا، بل لتصالحنا معه.
حين ترى موتك قبل أن يأتيك، لا تظنه لعنة، بل نعمة تجعلك تتهيأ للرحيل بشجاعة... وتترك وراءك أثر رجل عرف متى يرحل كما يليق برجال الأرض.

---

🕸️ هاشتاغات للنشر:













العنوان: "النافذة التي لا تُغلق... حكاية الغرفة 310"في ولاية "أوريغون"، على أطراف مدينة هادئة تغفو بين غابات الصنوبر وال...
15/07/2025

العنوان: "النافذة التي لا تُغلق... حكاية الغرفة 310"

في ولاية "أوريغون"، على أطراف مدينة هادئة تغفو بين غابات الصنوبر والضباب، ينتصب فندق عتيق بُني في أوائل القرن العشرين، بزخارف من الطراز الفيكتوري، ونوافذ خشبية طويلة توحي بالدفء والقدم. كانت الرياح تعوي حوله كأنما تستغيث، ويُقسم بعض السكان المحليين أن الفندق يبتلع الضوء عند الغروب، وكأنه يتهيأ لابتلاع شيء آخر...

في ظهيرة رمادية من شتاء عام 1997، حجزت امرأة تُدعى ميسان الشربيني غرفة بالفندق، أثناء مرورها في رحلة عمل نحو الشمال. كانت شابة في أواخر الثلاثينات، تعمل باحثة في مجال التاريخ الثقافي، ذات ذهن متقد، لا تؤمن بالخرافات ولا تعير اهتمامًا للقصص الشعبية.

دخلت بهو الفندق بحقيبة سفر صغيرة ومعطف شتوي أسود، وعلى وجهها آثار تعب الطريق. استقبلها موظف الاستقبال العجوز، واسمه آرثر ميلفورد، بنظرات غامضة وقليل من الكلمات. ناولها المفتاح وهو يقول بصوت أجوف:

> "الغرفة ثلاثمئة وعشرة، في الطابق الثالث، آخر الممر الأيسر."

ابتسمت برقة شاكرة، لكنها لاحظت تردده الغريب، وسؤاله المرتبك:

> "هل تفضلين غرفة أخرى؟ لدينا غرف في الطابق الثاني أكثر... إشراقًا."

ردّت بابتسامة واثقة:

> "لا داعي، هذه ستكون مناسبة تمامًا. أشكرك."

صعدت الدرج الخشبي العتيق، وأزيز الأرض تحت خطواتها يعزف لحناً حزينًا. عند باب الغرفة 310، استقبلها عامل النظافة الذي كان يُدعى باولينو، رجل قصير القامة من أصل مكسيكي، يضع وشاحًا على رقبته رغم دفء المكان.

حين فتح لها الباب، اندفع هواءٌ ساخنٌ مفاجئ كاد يحرق وجنتيها، رائحة العفن والغبار غزت أنفها بشراسة، فتراجعت بخطوة غريزية.

قال العامل بتوتر وهو يبتسم بأسنان صفراء:

> "افتحي النوافذ فورًا... الغرفة لم تُستخدم منذ زمن."

سألته ميسان وهي تنظر داخل الغرفة بتوجّس:

> "كم من الوقت لم تُستخدم؟"

صمت برهة، ثم قال وهو يُشيح بنظره:

> "ربما... سنوات."

دخلت الغرفة على مضض. ورغم النظافة الظاهرة، كان ثمة شيء غير مريح، كأن الجدران تنظر إليها. فراش نظيف، مكتب خشبي قديم، ستائر ثقيلة تغطي النوافذ الطويلة.

في الليل، وضعت رأسها على الوسادة، محاولة النوم، رغم القلق غير المبرر الذي بدأ يتسلل إليها ببطء.

ثم... جاء الصوت.

همسة واضحة، كأنها خرجت من فمٍ بجانب أذنها:

> "قومي... افتحي النافذة... اقفزي."

قفزت ميسان من السرير، قلبها يخفق بجنون، أنفاسها متسارعة، تفحصت الغرفة، لكنها كانت وحدها تمامًا.

قضت بقية الليل جالسة في زاوية الغرفة، تحدّق في الستائر، لا تجرؤ على الاقتراب منها.

مع بزوغ الفجر، جمعت أشياءها وغادرت الفندق، دون أن تتناول حتى فطور الصباح.

في طريقها إلى محطة القطار، مرّت بمكتبة قديمة جذبت انتباهها بلا سبب. دخلت وكأن شيئًا يدفعها.

استقبلها رجل ستيني ذو لحية بيضاء ونظارات سميكة، يدعى السيد توملينسون.

سألته مباشرة:

> "هل تعرف شيئًا عن فندق 'إيدن هاوس'؟ الغرفة 310؟"

نظر إليها بتأنٍ، ثم أشار إلى مقعد خشبي أمامه:

> "اجلسي... لقد استُدعيتِ، أليس كذلك؟"

استغربت الكلمة:

> "استُدعيت؟ ما الذي تعنيه؟"

تنهد وقال:

> "في عام 1948، نزل زوجان في الغرفة 310، اسمهما جورج وآنا ميلر. كانا شابين من كاليفورنيا، في عطلة قصيرة. في الليلة الثانية، قفز جورج من النافذة ومات على الفور. وُجدت آنا ميتة في الحمّام، تمسك بخصلات من شعر أسود مجعد... لم تكن لها، ولا له. خصلات لا تنتمي لأحد."

سألته ميسان:

> "ألم تُحلّ الجريمة؟"

هزّ رأسه:

> "لا. كل من حاول حلّها، إما فقد عقله، أو انتحر."

ثم أضاف بنبرة منخفضة:

> "يُقال إن هناك شخصًا ثالثًا... كان في الغرفة. لكن الشرطة لم تجده أبدًا. والأغرب من ذلك... أن كل من نام في الغرفة بعدهم، سمع همسات."

قالت بدهشة:

> "مثل ماذا؟"

أجاب بهدوء:

> "أوامر بالموت. نداءات للنافذة. أحيانًا تُرى يدٌ سوداء تُزيح الستائر."

خرجت ميسان من المكتبة وهي تشعر بثقلٍ لم تعرفه من قبل. لكن فضولها كباحثة طغى على خوفها. عادت إلى الفندق في اليوم التالي... لا لتبيت، بل لتفتح الغرفة 310 مرة أخرى وتبحث فيها عن الحقيقة.

دخلت خلسة بمفتاح قديم حصلت عليه من العامل باولينو مقابل مبلغ محترم.

أزاحت الستائر الثقيلة، فكان الضوء شاحبًا، وكأن الغرفة ترفض النهار.

جلست على السرير وبدأت تسجّل الملاحظات، لكنها لاحظت شيئًا غريبًا في الجدار خلف الطاولة، صوت أجوف حين طرقته. بدأت تزيل الطبقة الخشبية القديمة، ووجدت خلفها فجوة صغيرة، داخلها صندوق صدئ.

فتحت الصندوق، فوجدت داخله خصلة شعر مجعدة، سوداء تمامًا، مربوطة بشريط أحمر قديم... ورسالة مكتوبة بخط رديء:

> "لم يكن لنا ذنب، كنا فقط نحب بعضنا. لكنها... لم تتحمّل خيانته لها."

أدركت أن "آنا" لم تكن الزوجة، بل كانت العشيقة، وأن الجريمة كانت انتقامًا من امرأة ثالثة مجهولة، منسية بين صفحات التحقيق.

وعندما همّت بالخروج، شعرت بيد باردة تمسك بمعصمها، وصوت أنثوي خافت يقول:

> "أعيدي ما أخذتِه... أو ابقي هنا للأبد."

تركت ميسان كل شيء، وركضت خارج الغرفة، ولم تلتفت خلفها.

ومنذ ذلك اليوم، لم تعد ميسان تهتم كثيرًا بتاريخ الفنادق، ولا بالأماكن التي تبتلع الذكريات.

لكنها كتبت تلك القصة، ونشرتها بعنوان:

"النافذة التي لا تُغلق."

---

🕯️ رسالة إلى القارئ:

> ليس كل ما ننساه يموت، وبعض الأماكن تحفظ الألم أكثر من الصور. لا تعبث بما دفنه الزمن، فربما الزمن نفسه لا يقدر على إغلاق بعض الأبواب.

---

ُغلق #أوريغون

 ____________( الحلقة 1 )__________      طريق إسفلتي طويل تشبعت شقوقه بمياه الأمطار المنهمرة في ليلة باردة طمس نور قمرها...
15/07/2025


____________( الحلقة 1 )__________

طريق إسفلتي طويل تشبعت شقوقه بمياه الأمطار المنهمرة في ليلة باردة طمس نور قمرها بكتلة كثيفة من الغيوم السوداء. زاد من ظلمة الطريق ووحشته أشجار متراصة طويلة ممتدة على جانبيه لكن ذلك لم يمنع الشرطي الواقف على أحد جوانبه من تشغيل صفارة الإنذار وتعقب سيارة سوداء ذات نوافذ معتمة ومنزوعة اللوحات التعريفية عبرت بجانبه بسرعة خاطفة. بعد مطاردة قصيرة هدأت السيارة من سرعتها وتوقفت على يسار الطريق وهذا بحد ذاته مخالفة مرورية تستوجب العقاب مما أثار استغراب الشرطي الذي ترجل من سيارته مشغلاً كشافاً صغيراً ثبته على كتفه مخرجاً سلاحه متأهباً لأي مفاجأة من سائقها الذي بدا له غير متزن وقد يكون مجرماً هارباً أو مخموراً أو مختلا نفسياً.
وقف الشرطي بجانب باب السائق وبسبب النوافذ السوداء لم يتمكن من رؤية قائد المركبة أو أي تفاصيل داخلها مما اضطره للطرق برأس مسدسه زجاجة النافذة وهو يقول بنبرة صارمة : «أنزل النافذة لو سمحت
لم يتلق الشرطي إجابة أو استجابة من السائق عدا إطفائه لمحرك السيارة ومصابيحها مما زاد من عتمة المكان حولهم ولم يتبق أي مصدر للضوء سوى مصابيح الدورية المشعلة بالخلف. استاء الشرطي من تلك الفعلة مما دفعه لتكرار ندائه مجدداً بصرامة أقوى وهو شاهر سلاحه : «أنزل النافذة!
بعد مضي ما يقارب نصف الدقيقة من الترقب تحت المطر المنهمر دون أي استجابة من السائق فقد الشرطي صبره وصرخ مهدداً وأمراً السائق بالترجل من السيارة على الفور.
صوت طنين نزول جزء من النافذة خلال استمرار انهيار المطر بقوة ...
توتر الشرطي وصل إلى قمته وقتها لأن وجوده في تلك المنطقة النائية على الطريق السريع لم يكن مصادفة فقد توالت على مر الأشهر السابقة عدة بلاغات عن اختفاء أناس في المنطقة نفسها ناهيك عن عدد من السيارات التي وجدوها خاوية وأصحابها مفقودون دون دليل المكان اختفائهم مما دفع مركز شرطة المدينة لتعيين دورية لتراقب ذلك الجزء من الخط السريع بشكل دوري علهم يجدون دليلاً على حوادث الاختفاء ليقينهم بأن الفاعل يتردد هناك من وقت لآخر بحثاً عن الضحايا.
ترجل من السيارة بأيد مرفوعة !. ...
قالها الشرطي المرتبك ومسدسه موجه على الفتحة الضيقة في نافذة الباب ...
لم تصدر أي ردة فعل من السائق المتواري في ظلمة السيارة بالرغم من توجيه الشرطي ضوء الكشاف على النافذة بشكل مباشر فقرر أخيرا مد يده ومحاولة فتح الباب بنفسه وعندما أمسك المقبض وأبعد درفته الأقصاها تفاجأ بأن مقعد السائق فارغ فأمسك مسدسه بكلتا يديه بسرعة وتوتر وهو يجول بنظره على المقاعد الأمامية بحيرة شديدة.
دخل الشرطي في صراع نفسي بين خيار استكشاف المقاعد الخلفية بنفسه ووحده أو العودة لسيارته وطلب الدعم من دورية أخرى والمخاطرة بهروب من قد يكون المجرم الذي يبحثون عنه خاصة وأنه لم يتمكن من معرفة سوى لون السيارة ونوعها فقط بسبب غياب اللوحات التعريفية.
اتخذ الشرطي قراره في نهاية الأمر بأن يقوم بتفتيش السيارة بالكامل بنفسه وأخبره حدسه بأن السائق قد تسلل واختبأ في المقعد الخلفي ليباغته لذا وقبل أن يتقدم أكثر قام بفتح الأبواب الأربعة بالكامل
وكانت الصدمة أنه لم يجد أحداً بداخلها لكن رائحة عفنة تسربت للخارج و از كمت أنفه مما زاد من توتره ورهبته
مد الشرطي يده بعدما دخل من المقعد الخلفي وفتح صندوق السيارة فقفز غطاؤها ونقاط المطر الثقيلة ترحم على سطحه بقوة ثم ترجل منها وسار نحو الصندوق شبه المفتوح بخطوات حذرة وفتحه ببطء لتصدمه رائحة أقوى وأشد حدة كاشفة عن كيس بلاستيكي أبيض بأطراف حمراء.
كان من الواضح أن ما رآه الشرطي أمامه جريمة مكتملة الأركان وأنه غالباً قد أوقع بالمجرم قبل هروبه بفعلته الجديدة فجرى مسرعاً وركب سيارته ورفع جهاز النداء وقبل أن يقوم بالتبليغ شعر بمجموعة من الرؤوس الحادة تغرس في رقبته من الخلف وتخترقها ليفور دمه على الزجاج الأمامي وتهتز سيارته بالكامل لعدة ثوان قبل أن توقف ويتوقف معها هطول المطر.

رفيق على الطريق

أضواء مصابيح ساطعة تنعكس من على سطح إسفلتي مبلل جراء رمي سحابة ماطرة بحمولتها عليه قبل عدة ساعات ...
امرأة في أواخر العشرين من عمرها تقود سيارتها وحدها قبل منتصف الليل بساعة وسط غابة كبيرة وكثيفة شقها طريق ممهد غير مزدحم لقلة سالكيه ...
بالرغم من الأجواء المظلمة والساكنة المحيطة بالمرأة كما أحاطت تلك الأشجار بأطراف الطريق إلا أنها كانت ممن يستمتعون بمثل هذه الطرق المعزولة خاصة ليلاً وتقضي وقتها تنصت للمذياع
وتتناول بعض القهوة الساخنة التي أعدتها قبل بدأ رحلتها وتسكب بعضها من وقت لآخر في كوب ورقي صغير.
خلال إدارة المرأة لقابس المذياع بحثا عن محطة إذاعية حوارية بعد اكتفائها من سماع القنوات الغنائية لمحت في الأفق المعتم أنواراً صفراء صغيرة تضيء بشكل متكرر السيارة متوقفة على جانب الطريق فرمت بكوب قهوتها من النافذة مغلقة جميع النوافذ والأبواب بإحكام ومع اقترابها اتضحت معالم سائقها وهو يجلس على مقدمتها يتفحص هاتفه المحمول ولعلمها المسبق بأن هذه المنطقة من الطريق لا تصلها تغطية الهاتف توقفت عنده وأنزلت جزءا يسيرا من نافذة
باب الراكب بجانبها وخاطبته قائلة : ما المشكلة..؟!»
التفت صاحب السيارة نحوها وقال باسماً :
لم أعتقد أن أحداً سيتوقف لي في هذه المنطقة النائية لمساعدتي...
أنا لم أقرر مساعدتك بعد...
وجه الرجل الذي كان في منتصف الأربعينيات من العمر تقريبة وجهه أمامه وقال:
لا بأس أتفهم حذرك.. سأتدبر أموري...
___________________________________
يتبع في الحلقة 2 ستجدها هنا 👇

🖋️ رسالة صادقة إلى متابعينا الكرام...إلى كل من يمرّ من هنا، إلى من يقرأ بصمت، أو يضغط زر الإعجاب ثم يمضي، وإلى أولئك الذ...
14/07/2025

🖋️ رسالة صادقة إلى متابعينا الكرام...

إلى كل من يمرّ من هنا، إلى من يقرأ بصمت، أو يضغط زر الإعجاب ثم يمضي، وإلى أولئك الذين يتابعون كل حرف نكتبه بشغف... نُوجّه إليكم اليوم هذه الكلمات، لا كمجرّد منشور عابر، بل كرسالة من القلب إلى القلوب التي نعتز بها ونعتمد عليها في استمرار هذه الصفحة.

نحن نكتب، نعيد الصياغة، نُبدع، ونسهر على اختيار القصص بعناية. لكننا اليوم بحاجة لصوتكم، لصراحتكم، ولرأيكم دون أدنى مجاملة.

📌 هل ترون أن القصص التي ننشرها أصبحت مكرّرة؟
📌 هل تجدونها جيّدة فعلًا، أم أنها فقدت شيئًا من بريقها؟
📌 هل صادفتم هذه القصص في صفحات أخرى قبل أن تقرأوها هنا؟
📌 هل أسلوبنا يلامسكم كما في السابق، أم أن هناك ما تغير؟

قد تكون الحقيقة أحيانًا موجعة، لكنها ضرورية. نحن لا نبحث عن عبارات مجاملة ولا ننتظر تصفيقًا إن لم يكن من القلب. ما نريده ببساطة هو أن نُطوّر أنفسنا بناءً على ما ترونه أنتم، لا ما نعتقده نحن.

نحن نؤمن أن القارئ الذكي يميّز بين النص المكرَّر والمُبتكر، بين الحكاية التي تُروى لمجرّد أن تُقال، وبين تلك التي تمسّ الوجدان وتترك في القلب أثرًا.

💬 لذا نرجو من كل من قرأ هذه الرسالة أن يُشاركنا رأيه بكل أمانة. سواء كنت من المتابعين الجدد أو من رفاق البدايات... أخبرنا:

ما الذي يعجبك؟ ما الذي لا يعجبك؟ ما الذي تتمنى أن تقرأه؟ وما الذي تتمنى أن لا تراه مجددًا؟

نحن هنا لنسمعكم، لا لنُسمعكم فقط.

مع كامل التقدير والامتنان لكل من يشاركنا رحلتنا ✨


ُكتب_لكم

العنوان: أطياف الحلم البعيدفي أقصى الجنوب، في قريةٍ نائيةٍ تفوح منها رائحة التراب المبتل بعد المطر، وتتناثر فوق بيوتها ا...
14/07/2025

العنوان: أطياف الحلم البعيد

في أقصى الجنوب، في قريةٍ نائيةٍ تفوح منها رائحة التراب المبتل بعد المطر، وتتناثر فوق بيوتها الطينية أهازيج المواسم، عاشت امرأة تُدعى نعيمة. لم تكن نعيمة سوى زهرة برية نبتت في تربةٍ قاسية، امرأة لم تعرف إلا العمل والكفاح طريقًا، ولازمتها الخيبات مثل ظلٍ لا يفارق.

كانت في ريعان شبابها حين تزوجت من راغب، رجل من أبناء قريتها، وسيمُ الطلعة، لكنه هشّ الروح، كثير التذمر، يتقلب في طباعه كما تتقلب الريح. أنجبت منه آدم وسندس، وامتلأت أيامها بزقزقة الأطفال، وبضحكهم الذي يشبه ندف الغيم الطري.

غير أن السعادة لم تدم طويلًا، فما إن أكملت سندس عامها الثالث، حتى أعلن راغب قراره المشؤوم، ودون سابق إنذار، تزوج بأخرى من المدينة، مدعية الجمال والثقافة والتمدن.

حينها، لم تصرخ نعيمة، لم تكسر الأواني كما تفعل النساء، بل نظرت إليه بعينين دامعتين وقالت:

– "أما كان يكفيك قلبي؟ أما كان حضن أبنائك أوسع من حضن امرأة غريبة؟"

لم يجب. حمل حقيبته، ومضى.

بقيت نعيمة في منزلها المتواضع، لا تطلب الطلاق، ولا ترفع صوتًا. لم تشأ أن يُقال عن أولادها: "أبناء المطلّقة"، ولم ترغب أن تحمل لقبًا قد يجعلها منبوذة في أعين القرويين. لم يكن ذلك جبنًا، بل كانت تفكر في آدم وسندس أكثر من نفسها.

بدأت تعمل في الحقول، تحمل المنجل بيد، وبالأخرى تلوّح للمارة، تجمع الحطب وتربي المواشي، وتبيع البيض الطازج في سوق الأربعاء. لم تدع فقرها يكسر كرامتها، ولا وحدتها تطفئ بصيص الحلم في عينيها. كانت تقول في نفسها:

– "سأبني بيتًا من طابقين… سأعلّق مفاتيحه في صدري كما تعلّق الأم وسام العزّ، وسأزوّج فيه أبنائي، وأبقى بجوارهم حتى الممات."

ومضت السنين، ومات والدها، فآلت إليها قطعة أرض ومبلغ صغير من ميراثه، ساعدها على تحقيق ما كانت تنسج من طموحات في قلبها الليلي. بنَت البيت، طابقًا فوق طابق، شرفة صغيرة تطلّ على البيدر، وسقفًا مسطحًا لتجفف عليه التين والخوخ.

حين كبر آدم، اختارت له فتاة من بنات القرية، تحفظ الستر وتصون البيت، وتم الزواج في الطابق الأول، بينما بقيت هي في الطابق العلوي، تفرش الأرض بالحنين، وتنتظر أن يأتي يوم ترى فيه أحفادها يلعبون تحت ناظريها.

أما سندس، فقد رفضت كلّ من تقدم إليها من أبناء القرية. كانت تقول لأمها:

– "أماه، لا أريد أن أدفن شبابي هنا، في هذا العدم. أريد رجلًا يحترم عقلي قبل أن يطلب يدي."

لم تستطع نعيمة أن تقف في طريقها، خاصة حين أحبت شابًا من زملائها في العمل بمدينة طنجة، يُدعى إياد. تقدم إليها، وتزوجا، لكنهما أقاما في شقة صغيرة هناك. لم تكن نعيمة يومها فرِحة تمامًا، فقد كانت تتمنى أن تُزف ابنتها من بيتها، كما فعلت مع آدم.

مرت الشهور، وأنجبت زوجة آدم طفلًا، فاحتفلت نعيمة كما لو كانت الدنيا كلها تبتسم لها. كانت تغني للمولود أغاني جدتها، وتعلق التمائم على باب الغرفة، وتقرأ له "المعوّذتين" في كل صباح.

لكن شيئًا ما كان يتغير ببطء… كأن الزمن قد أدار ظهره. بدأ الشقاق يدبّ بين آدم وزوجته، وكانت الأم تحاول أن ترمم العلاقة بطيبة قلبها، لكنها لم تكن تُجيد فنون السياسة المنزلية كما كانت تجيد الزراعة.

وفي أحد الأيام، قالت الزوجة لآدم:

– "سئمت من هذه القرية… من أمك… من العيش في بيتها… أريد أن نعيش في المدينة، قرب أمي، حيث المدارس أفضل، والحياة أوسع."

كان آدم مترددًا، لكنه رضخ في النهاية. غادر البيت بصمت، تاركًا المفتاح على طاولة أمه، دون أن يلتفت إلى الوراء.

لم تبكِ نعيمة في العلن. صعدت إلى السطح في تلك الليلة، جلست وحدها تحت النجوم، وهمست:

– "ألم أزرع العمر كله لأبقى قريبة منكم؟ ألهذا بُنِي هذا البيت؟ كي أسكن فيه وحدي؟"

---

أصبحت الأيام ثقيلة، والبيت صامتًا كقبر. لا زائر، ولا صوت ضحك، ولا خطوات في الدرج.

كانت تتصل بأولادها، فتحادثهم بلهفة، فيردون بمشغولياتهم المعتادة: العمل، الأطفال، الزحام.

أما هي، فكانت لا تزال تغسل السجاد بيدها، وتنظف الحظيرة كل صباح، وتعد الطعام لأشخاص لا يأتون. وكانت كلما سمعَت طرقًا على الباب، تتجه إليه بلهفة طفلة، ثم تخفض رأسها حين تجد ساعي البريد أو أحد الجيران.

ذات ليلة، اشتد عليها الحنين، فكتبت رسالة بخط يدها المرتعش، أرسلتها عبر البريد إلى كل من آدم وسندس:

> "يا أولادي، إن كانت أميكم لم تعد تعني لكم شيئًا، وإن كانت القرية صارت قبرا لماضيكم، فاعلموا أن قلبي لا يزال ينبض لكم وحدكم. إن متّ، فلا تبكوا، بل ازرعوا وردة على عتبة هذا البيت، واذكروني كلما نضجت فاكهة في البستان، فثمرة كل شجرة حملت في طعمها أنفاسي."

لكن الرسائل لم تجد ردًا.

---

في صباحٍ شتويٍّ بارد، لم تخرج نعيمة من بيتها كعادتها. لم تُسمع أصوات أوانيها، ولا خطوها على الدرج.

دخل أحد الجيران البيت، فوجدها راقدة في فراشها، وجهها نحو الشباك، وعيناها مفتوحتان كأنها تنتظر أحدهم ولم يأتِ.

ماتت نعيمة، دون أن ترى أحفادها يكبرون أمامها، ودون أن تُقبِّل جبهة سندس مجددًا، أو تُطعم حفيدها من يدها.

دُفنت في مقبرة القرية، ولم يحضر من أبنائها أحد، أُرسلت برقيات عزاء، لكن جسد الأم كان قد سبقهم إلى التراب.

---

في نهاية القصة:

أيها القارئ العزيز، ليست كل الأمهات يُحببن بصوت عالٍ، بعضهنّ يحببن بصمتٍ، في الحقول، وفي خبز التنور، وفي ترتيب الفُرش لزوار لا يأتون. لعلنا لا نُدرك معنى "البيت" حتى نصبح غرباء فيه. ولعل أكثر ما يستحق أن نخافه، ليس الموت، بل أن نعيش بلا من نحب.










العنوان: "قلب القاضي... حين يُشترى الضمير بالبطيخ"في مدينةٍ منسية على أطراف مملكة قديمة، عُرف فيها القضاء ببطءه، والعدال...
14/07/2025

العنوان: "قلب القاضي... حين يُشترى الضمير بالبطيخ"

في مدينةٍ منسية على أطراف مملكة قديمة، عُرف فيها القضاء ببطءه، والعدالة بثقلها، جلس القاضي "ضياء بن مروان" على كرسيه المرتفع في مجلس القضاء، يخطّ بعصاه فوق الرمل الدقيق الذي كان يُفرش أمامه بدل الورق، فهو رجل لا يقرأ ولا يكتب، لكنه يزعم أن بصيرته لا تخطئ، وأن قلبه هو ميزان الحكم، ويده لا تميل إلا للحق.

كان ضياء في الأربعين من عمره، متأنقًا في لبس عباءته البيضاء المطرزة، خبيرًا بالناس وخفاياهم، وأكثر ما يُعرف عنه أنه لا يردّ هدية تأتيه، بل يبتسم ويُردد:

– "من أدب السائل أن يُكرِم القاضي، ومن فطنة القاضي أن يُنزل كل هدية منزلتها..."

وذات صباح، طرق باب داره رجلان، الأول يُدعى "راشد"، بائع دجاج يُعرف بنظافته وشدة مراعاته لأحوال زبائنه، والثاني يُدعى "منير"، بائع بطيخ مشهور بحنكته في السوق وسعة حيلته.

دخل الاثنان على القاضي، وانحنى كل منهما بخشوع، ثم تكلم راشد أولًا:

– "أيها القاضي، إن لي عند هذا الرجل دينًا منذ ثلاثة أشهر، إذ أخذ مني عشر دجاجات سمينات بثمن مؤجل، وحين طالبتُه به تهرّب مني، وقال إن البضاعة لم تكن كما ادعيت."

ردّ منير بوقار:

– "كلا يا مولاي، لقد اشتريت منه دجاجًا بالفعل، لكنه كان مريضًا، ومات أكثره قبل أن أتمكن من بيعه، فقلت له أعطني ما يوازي خسارتي، فغضب ورفض. فهل أعيد له المال مقابل طيور نافقة؟"

رفع القاضي حاجبيه، وقال:

– "الحجة بالحجة، والقول لا يُقبل دون بينة، سننظر في الأمر غدًا عند مجلس القضاء العلني، وعلى كلٍ منكما أن يُحضر شهوده."

أومأ الرجلان بالموافقة، وانصرفا.
لكن... لم ينصرفا إلى منازلهما فحسب، بل انصرف كلٌ إلى خطة مضمونة.

في مساء ذلك اليوم، طرق أحد الخدم باب دار القاضي، ومعه قفص خشبي متين، بداخله سبعة ديوك بيضاء. فتح القاضي الغطاء، وإذا بها ديوك تُشبه تلك التي تُقدَّم في ولائم السلاطين. سأل الخادم:

– "مِن من هذه النعمة؟"

أجابه:

– "من التاجر راشد، بائع الدجاج، قال إنها هدية صغيرة إلى عدل القاضي الكبير، وإلى بطنه أيضًا."

ضحك القاضي، وقال لزوجته "فريدة" التي وقفت خلفه تراقب بدهشة:

– "انظري كيف يعرف الناس من يُكرمهم. هذا رجل فطن، يعرف الطريق إلى الحق!"

وفي اليوم التالي، وفي وقت الظهيرة، حين كانت الشمس تلقي بحرارتها على رؤوس الناس، جاء خادم آخر إلى دار القاضي، يحمل صُندوقًا من القش، بداخله خمس بطيخات خضراء، يانعة، من الحجم الكبير.

قال الخادم:

– "هدية بسيطة من منير، بائع البطيخ، إلى من لا يُخطئ في الحكم ولا يساوي بين الجيد والتالف."

نظر القاضي إلى زوجته، وهمس:

– "غريبة، أرسل البطيخ في هذا الوقت؟ لقد وصل متأخرًا، والدجاج سبق، بل طبخت منه ديكًا بالأمس!"

ضحكت زوجته وقالت:

– "وما يضيرك؟ نتذوق البطيخ لنحكم عليه، فربما وجدنا فيه ما لا يوجد في الدجاج!"

أمسك القاضي بسكينه، وشق أول بطيخة، فإذا بداخلها بريقٌ يلمع. أمعن النظر، فإذا بليرة ذهبية مدفونة في لبّها الأحمر، مغلفة بورق مشمع. صُعق، وقال:

– "يا الله... هل رأيتِ؟"

شق الثانية، فوجد ليرة أخرى.
ثم الثالثة... والرابعة... حتى وجد خمس ليرات ذهبية في كل بطيخة.

قال وهو يتنفس ببطء:

– "لا... لا يمكن أن يكون هذا محض صدفة، هذا رجل يعرف من أين تُؤكل القلوب!"

نظرت إليه زوجته بدهشة وقالت:

– "ألن تحكم لصالح راشد كما قررت؟"

ردّ بهدوء مريب:

– "القلوب تتغير يا فريدة... والحق ما رآه القاضي."

---

وفي صباح اليوم التالي، تجمع الناس في مجلس القضاء، وجلس القاضي ضياء على كرسيه، والناس تنظر إليه، وهو يُنظف أظافره بريشة طاووس، حتى وقف راشد وقال:

– "مولاي، هل حضر شهودك؟"

قال القاضي:

– "لا حاجة لي بالشهود، فقد ثبت عندي أن الرجل لم يأخذ منك شيئًا له قيمة. حكمتُ برفض دعواك."

دهش راشد، وصرخ بمرارة:

– "وكيف هذا؟! لقد كنتَ مقتنعًا بكلامي بالأمس! ماذا عن الدجاج؟! وماذا عن المؤذن؟!"

نظر القاضي إليه ببرود وقال:

– "المؤذن يا راشد... يؤذن ولا يصلي، أما البطيخ، فلا يؤذن بشيء، لكنه حين تشق قلبه، يضيء ذهبًا. فهل تُقارن من يُجيد الادعاء، بمن يُثبت حسن نيته بالجوهر؟"

---

وقف الجميع مذهولين من كلام القاضي.

وهمس أحد الحاضرين لجاره:

– "أتعلم؟ ما أسوأ أن يكون القاضي فصيحًا، يزين الباطل بحُجة، والرشوة بحكمة، فيُضل العقول باسم البلاغة."

فقال الآخر:

– "والأدهى، أن يُصبح الناس على دراية بذلك، لكنهم يصفقون له كأنه عادل، فقط لأنه أنيقٌ في خيانته!"

---

📩 رسالة إلى القارئ الكريم:

قد تضحك من القصة، وتبتسم من بلاغة القاضي في تبرير خيانته، لكنّ الحقيقة أن ما يفسد ميزان العدل ليس الخطأ، بل القصد؛ وما يهدم الأوطان ليس الظلم وحده، بل الناس التي تتعايش معه، وتُباركه إن جاءها منه نصيب.

احذر أن تكون "بطيخة" تُخفي ذهبًا، أو "ديكًا" يصرخ بالحق وهو منافق.

فأحيانًا... لا يُعرف الظالم من المظلوم، إلا عندما تنظر إلى ما في القلوب، لا ما في الأيادي.

---





ُهدى




Address


Alerts

Be the first to know and let us send you an email when رحلة إلى عالم الحكايات posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Shortcuts

  • Address
  • Telephone
  • Alerts
  • Claim ownership or report listing
  • Want your business to be the top-listed Media Company?

Share