
14/08/2025
نتنياهو وأضغاث أحلام "إسرائيل الكبرى": محاولة يائسة لإخفاء الفشل
في تصريحات تثير السخرية والاستنكار، عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إثارة أوهام "إسرائيل الكبرى"، مدعيا تعلقه بفكرة اقتطاع أجزاء من دول عربية مجاورة لتحقيق حلم توسعي بائد. هذه التصريحات ليست سوى محاولة يائسة من سياسي فاشل يحاول إخفاء هزيمته في غزة، واستعادة بريقه المفقود بعد أن كشفت الحرب عن عجزه عن تحقيق أي انتصار حقيقي، فضلا عن كونه مجرم حرب يواجه عزلة دولية متزايدة.
إذا كان نتنياهو قد عجز عن هزم المقاومة في غزة، رغم كل الدعم العسكري والغطاء السياسي الغربي بقيادة أمريكا، فكيف له أن يحلم باحتلال سبع دول عربية؟.. كيف يتحدث عن "إسرائيل الكبرى" في وقت تعرضت دولته لهزائم متتالية عبر التاريخ أمام فصائل المقاومة الفلسطينية، وتواجه إدانة عالمية غير مسبوقة بسبب جرائم الحرب في غزة؟
الحقيقة أن هذه الأوهام ليست سوى محاولة لاستغلال الجانب الديني، وتجييش العواطف اليهودية المتطرفة، في محاولة لإنقاذ شعبيته المنهارة بين الإسرائيليين الذين بدأوا يدركون أن زعيمهم يقودهم إلى الهاوية. فبعد أكثر من ثمانية أشهر من الحرب، لم يحقق نتنياهو سوى مزيد من الدمار والقتل، دون أي أفق للنصر أو الأمن.
فكرة "إسرائيل الكبرى" ليست سوى خرافة تروج لها الأيديولوجية الصهيونية المتطرفة، لكنها تصطدم بواقع جيوسياسي لا يسمح بتحقيقها. فالدول المحيطة بإسرائيل، مثل مصر والأردن والسعودية والعراق، تمتلك جيوشا قوية وقيادات تدرك جيدا خطورة هذه الأطماع. كما أن المجتمع الدولي، رغم صمته النسبي على جرائم الحرب الإسرائيلية، لن يقف مكتوف الأيدي أمام محاولات ضم أراض عربية جديدة.
بل الأكثر من ذلك، أن إسرائيل نفسها تواجه أزمات داخلية عميقة، من انقسامات سياسية حادة إلى تدهور اقتصادي واجتماعي بسبب تكلفة الحرب الباهظة. فكيف لدولة تعاني من كل هذه المشاكل أن تحلم بالتوسع، بينما هي عاجزة حتى عن حماية مستوطناتها من هجمات المقاومة؟
ما يفعله نتنياهو هو نموذج كلاسيكي لسياسي فاشل يحاول تحويل الأنظار عن إخفاقاته. فبدلا من تحمل مسؤولية فشله في حماية إسرائيل، وإدارته الكارثية للحرب، يلجأ إلى خطاب تحريضي يغذي الخوف ويروج لأوهام التوسع. لكن الشعوب العربية لم تعد تنخدع بهذه الحيل، والعالم لم يعد يتسامح مع مثل هذه الخطابات العنصرية.
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يتأكد أن طريق السلام والأمن لا يمر عبر الأوهام التوسعية، بل عبر الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. فإذا كان نتنياهو يبحث عن "إسرائيل آمنة"، فليبدأ بوقف عدوانه على غزة، والانسحاب من الأراضي المحتلة، بدلا عن إطلاق وعود مستحيلة لن تزيد إسرائيل إلا مزيدا من العزلة والدمار.
ختاما، تصريحات نتنياهو ليست سوى صفارة إنذار أخيرة لزعيم يعيش في الماضي، ويحاول جر المنطقة إلى حروب لن تكون نتيجتها سوى مزيد من الخسائر. أما "إسرائيل الكبرى"، فستبقى حلما مزعوما في أذهان المتطرفين، بينما الواقع يقول إن المستقبل هو لفلسطين وللدول العربية التي لن تسمح بسرقة أراضيها أو انتهاك سيادتها.
جلال طبطاب
#مصر #من #من