18/07/2025
في مسجد قباء بنواذيبو، كانت الليلة شاهدة على مشهد لن يُنسى… رجال ونساء، شيبا وشبابا، صغارا وكبارا، تزاحمت القلوب قبل الأجساد، وارتفعت الوجوه إلى السماء والدعاء يملأ الفضاء.
اجتمع هذا الجمع العظيم، قبل أن يصل الجثمان، ليصلوا على من كانت للمظلومين سندا، وللفقراء سترا، وللأيتام أما، وللمرضى رجاء. الفقيدة امحينة محمد الأمين... رحلت بجسدها، وبقيت سيرتها العطرة تملأ الأرجاء، وتتردد على ألسنة القريب والغريب، من عرفها، ومن سمع عنها. كل فئة من الناس كانت تبادر إلى ذكر مناقبها، ذاك يشهد بكفالتها للأيتام، وآخر يروي كيف كانت تقودهم إلى أبواب الخير، تنير لهم الطريق بصمت، دون ضجيج، دون انتظار شكر.
حتى النساء اللواتي ازدحمن في الصفوف الخلفية، كن يتهامسن بالحسرة، ويذكرن يدها البيضاء التي لم تميز بين أحد. لقد كانت بوصلة هادية نحو كل باب خير، لا تغلق دون أن تطرقه، ولا يُذكر محتاج إلا وكان لها فيه نصيب. تركت الدنيا، لكنها غرست في الناس معنى العطاء النقي، والنية الخالصة، والخير السري الذي لا تراه إلا عين الله.
فيا من تقرأ هذا... افعل الخير في الخفاء، فإن الله لا ينسى، وإن الله ينطق عباده بجميل ذكرك ساعة موتك، تلك وحدها الشهادة الحق، وتلك هي الكرامة التي لا تُشترى. نعم، هذا هو الموت...
نهاية الأجساد وبداية الخلود، وها هي امحينة ترحل، لكن سيرتها ستبقى في قلوب مدينة بأكملها. اللهم اجزها عنّا وعن عبادك خير الجزاء، وارفع درجتها في عليين، واجعل ما قدمته في الدنيا نورا لها في قبرها وآخرة لا تخيب. آمين.
نائب رئيس جهة نواذيبو الشيخ ماء العينين سيدي هيبه.