
28/09/2025
*الحوار الوطني ؛دعوة لتفكير استراتيجي يستجيب لتطلعات الشعب الموريتاني.*
ان الحوار الوطني المرتقب الذي ينتظره الشعب الموريتاني ليس محطة عابرة في مسار الحياة السياسية لبلدنا، بل لحظة تأسيسية وحالة استثنائية نشأت عن ارادة جادة ورؤية واضحة تبناها فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني منذ توليه الحكم. فقد جعل اشراك الطيف السياسي خيارا استراتيجيا لبناء تعاقد وطني صلب، وهو ما ارسى سنوات من الهدوء السياسي والتعاطي المسؤول مع مختلف الفاعلين، الامر الذي وسع مدى الطموح الوطني وجعل من واجب الجميع ان يفضي هذا الحوار الى مخرجات استراتيجية عميقة تلبي تطلعات الشعب الموريتاني.
وانطلاقا من هذا المناخ، يشكل هذا الحوار فرصة للنخبة بكل مستوياتها للتوقف عند مسار خمسة وستين عاما من الاستقلال، ومراجعة ما تحقق وما تعثر، والانتقال من نقاش يوميات السياسة الى بلورة رؤى تأسيسية تؤطر ملامح الدولة التي نريدها وتبني جسورا بين دروس الماضي وافاق المستقبل.
وكما ينبغي لأي حوار وطني أن يستند إلى ما هو قائم ويؤسس لمسار مستدام، فقد دشن فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني عهدًا جديدًا في السياسة الاجتماعية. فمنذ اعلانه في فاتح مارس عن ترشحه، جعل من الوقوف مع الفئات الهشة احدى ركائز مشروعه الوطني، ثم حول هذه الرؤية الى برنامج انتخابي واضح المعالم. وخلال مأموريته الاولى، جسد ذلك عبر إنشاء مؤسسات متنوعة وبرامج كبرى متخصصة حولت هذا التوجه الى التزام مؤسسي بموارد مضمونة، يستفيد منها بانتظام مئات الآلاف من المواطنين.
ومن الضروري أن يستثمر الحوار هذا التوجه عبر ترسيخه في آلية وطنية تصون كرامة المواطن وتحمي حقوق الفئات الهشة، لينتقل من رؤية قائد إلى التزام راسخ في العقد الاجتماعي بين الدولة وأبنائها الأشد هشاشة.
كما أن من أبرز ما يتعين على الحوار الوطني تناوله بجدية أداء المؤسسات، وكما برهنت تجارب دول نامية عديدة، فإن الحوار حين يُستثمر في إصلاح المؤسسات يتحول إلى رافعة للاستقرار والاستمرارية. ومن هذا المنطلق، يمكن أن يتكامل المسار الموريتاني مع مراجعة هادئة لبنية مؤسسات الدولة وطرائق عملها ومدى انسجامها بين التنفيذية والتشريعية والقضائية. فقوة المؤسسات لا تُقاس بتعدد نصوصها، بل بوضوح مهامها، ويسر الولوج إليها، وصلابة معاييرها الضابطة، بما يجعلها قادرة على خدمة المجتمع في انسجام مع طاقتنا الوطنية وظروفنا الخاصة وتحدياتنا التنموية، ضمن أفق يتسع لعمق هذه الرهانات.
وعليه، فان جمع هذه المسارات في مخرجات متوافق عليها، تعزز وتثبت السياسات الاجتماعية وتفتح المجال لمراجعة عميقة لاداء المؤسسات، كفيل بان يرسخ الاستقرار ويرسم اتجاها استراتيجيا لتعزيز اللحمة الاجتماعية وترسيخ الوحدة الوطنية، ويؤكد ان مستوى التفاهم الذي بلورته التجربة بين الفرقاء السياسيين قادر على تقديم ما يجسد طموح الشعب الموريتاني، ويعزز استمرارية النهج الذي ارساه فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وما حققه من مكتسبات وطنية راسخة.
سيدي ولد إبراهيم ولد ابراهيم
خبير محاسبي ، فاعل سياسي .