
05/08/2024
تبا لبرلين لم يكفيها انشطارها إلى قسمين و لم تكفيها كل مخلفات الحروب العالمية أولها و ثانيها ، فهاهي الآن تشطر قلبي إلى نصفين يضاهي بعضهما بعضا. لعنة برلين أن بسمتك تسكن تفاصيل جدرانها و تنتصب بين رسومات الغرافيتي المنتشرة على الجدار، لعنة برلين أنك منتصبة أبديا إلى جانب بوابتها ، و عطرك يغطي كل المساحات فيها. جلستك في البارك قهوتك في المطعم المستقر في الركن ، اطلاة عينيك ، و لعبة الاختفاء الجميلة ، تبا لبرلين لا تزال جميلة و لا تزال مغرية و لا تزال مركز كوني الممتد من غابات الامازون إلى بحر الشرق ملتهما البحر الاصفر و الاسود و الاحمر و الابيض و ضاما ثلاثة محيطات إليهم. قدرك يا برلين أن تسكني أوراقي و حقائب ذكرياتي و تظهرين من حين لآخر كراقصة باليه رشيقة تعبث بإبر الساعة الملتصقة في ركن قاعة العرض، و قدر أوبرا فيينا أن تتنظر إلى الأبد لتراها تخطو داخلها في فستانها الأحمر. و قدري أنا أن ألعن و أشكر ذلك القدر أحمق الخطى كما يحب دائما صديقي الحلبي أن يقول. و أن نعشق بلادا لم تعلمنا أي شيء بالسهل علمتنا الشوق باغتراباتنا و الحب باختلافاتنا و طوائفنا و علمتنا الصمت بغوغاء ساستها و مثقفيها و اعلامييها، و كان أجمل ما علمتنا أن ننسى و أن الحياة تستمر رغم كل الأشياء.