30/07/2023
وإرادة الخالق وقدرته، يمكنها أن [تعطف] اتجاه القوانين الكونية إلى حيث تريد. من دون أن تتغير قوانينها ودقتها. فقد عطفتها باتجاه إيجاد الغاية من الخلق. ومن هنا وجدت فكرة التخطيط المتعمد المرتب. ..................
وقد يخطر في الذهن أن أكثر هذه الأمور التي عرضناها هي - في واقعها - أمور [طبيعية] تحدث طبقاً للقوانين العامة في الكون، وليست إعجازية، حتى [الغيبة] طبقاً للفهم الذي رجحناه في التاريخ السابق[ ]. وهو [أطروحة خفاء العنوان]. فلا تكون هذه الأمور دالة على وجود العناية والتأييد الإلهيين.
وجواب ذلك: أنها أمور [طبيعية] بكل تأكيد، ولكنها تدل على العناية والتأييد، بكل تأكيد أيضاً. فإن القوانين الكونية بوجودها الخالص، لا تقتضي هذه الأمور اقتضاء ضرورياً، لتكون هذه الأمور [طبيعية] خالصة. بل هي محتاجة إلى التخطيط المتعمد المرتب.
وكان السبب في هذا التخطيط المتعمد كما عرفنا هناك، كما سيأتي مزيد البرهان عليه في الكتاب القادم... هو التسبيب لأجل إيجاد الغاية التي خلق الكون والبشرية خصوصاً من أجلها، وهو الكمال الفائق أو العبادة الخالصة.
وإرادة الخالق وقدرته، يمكنها أن [تعطف] اتجاه القوانين الكونية إلى حيث تريد. من دون أن تتغير قوانينها ودقتها. فقد عطفتها باتجاه إيجاد الغاية من الخلق. ومن هنا وجدت فكرة التخطيط المتعمد المرتب.
إذن، فهذه الأمور [طبيعية] وهي في نفس الوقت تدل على العناية والتأييد الإلهيين.
الإعتراض الثاني: إن التاريخ اللاحق للظهور، الذي دلت عليه الروايات التي سمعناها والتي سنسمعها، يتضمن بوضوح العناية والتأييد الإلهيين.
فمن ذلك: اجتماع أصحاب الإمام المهدي عج عند أول ظهوره وتتابعهم في الوصول إليه بعد ذلك. وهم يصلون بطريق [طبيعي] ولكن تركيز عواطفهم باتجاه نصر المهدي عج وتأييده... لطف وعناية, ناتج عن التخطيط العام السابق على الظهور.
ومنه: كون المهدي عج منتصراً في كل حروبه، ضد أي عدو عظيماً كان أو حقيراً.
ومنه: ما سنسمعه من نصرة الملائكة للمهدي عج. وقد وردت في ذلك روايات عديدة سنرويها.
ومنه سيطرته على العالم كله، وهو هدف لم يتحقق على يد أي قائد سابق. ظالماً كان أو عادلاً.
ومنه تجاوب [الطبيعة] مع العدل الساري في دولته، بالمعنى الذي سنذكره.
وغير ذلك من النقاط التي تدل بوضوح على العناية والتأييد، مما ذكرنا وسنذكر اثباتاته الكافية... وبعضها ترقى إلى رتبة اليقين لكل مؤمن بفكرة المهدي أساساً.
ومعه فالأطروحة الثانية القائلة بإيكال أمر الإمام المهدي عج إلى القوانين الكونية إيكالاً كاملاً... لا يمكن أن تكون صحيحة...
..............................
السيد الشهيد محمد الصدر
تاريخ ما بعد الظهور ، ص ٣٣١