20/10/2025
شهادات صادمة عن ابتزاز مقابل المساعدات خلال الحرب على غزة
في الوقت الذي كانت فيه الحرب على قطاع غزة تمزّق حياة المدنيين وتدمّر مقومات العيش، لم تتوقف المعاناة عند حدود القصف والجوع، بل امتدت إلى شكلٍ آخر من الانتهاكات، أكثر قسوة وصمتًا: ابتزاز النساء مقابل الحصول على المساعدات الإنسانية.
فمع اشتداد الحصار ونفاد المواد الغذائية الأساسية، أصبحت المساعدات التي تقدَّم عبر المؤسسات المحلية والدولية شريان الحياة الوحيد لآلاف العائلات.
لكن وسط هذا الواقع المأساوي، برزت شهادات ميدانية تتحدث عن وقائع استغلال وابتزاز تعرضت لها نساء مقابل سلال غذائية أو مستلزمات معيشية أساسية.
إحدى النساء، تحدثت بشرط إخفاء هويتها خوفًا من الانتقام، قالت: “كنت أتواصل مع موظف في يعمل في احدى المنظمات الدولية من أجل الحصول على سلة غذائية.
في البداية كان الأمر عاديًا، لكن لاحقًا بدأ يطلب التواصل الخاص، ثم صار يلمّح بأن بإمكاني الحصول على المساعدة بسهولة مقابل علاقة خاصة.”
تضيف المرأة أن شعورها بالعار والخوف من الفضيحة جعلها تصمت طويلًا، لكنها قررت لاحقًا رواية تجربتها بعد سماعها قصصًا مشابهة من نساء أخريات.
وتقول: “كنت أظن أنني الوحيدة، لكن تبين أن هناك أخريات تعرضن لنفس الابتزاز من أشخاص في مواقع توزيع المساعدات.”
امرأة أخرى روت واقعة مختلفة، قالت فيها إن أحد المسؤولين المحليين التابعين لحركة حمـ…اS بعملية توزيع المساعدات عرض عليها اللقاء في مكانٍ خالٍ بحجة مناقشة حالتها، لكنها اكتشفت أن الهدف كان محاولة استغلالها جنسيًا.
وتضيف: “كنت محتاجة للطعام، ولدي أطفال. كنت بين نارين: الجوع أو الاستسلام للإهانة.”
ورغم أن هذه الشهادات لم تُحقق فيها بشكل رسمي بعد، إلا أنها فتحت نقاشًا واسعًا في الأوساط الحقوقية حول انعدام الرقابة والشفافية في عمليات الإغاثة خلال الحرب.
مصادر حقوقية فلسطينية قالت لمراسلنا إن “الظروف الإنسانية القاسية في غزة خلقت بيئة خصبة للانتهاكات الأخلاقية، في ظل غياب مؤسسات رقابية فاعلة وتراجع منظومة العدالة خلال الحرب”.
وطالبت بفتح تحقيق مستقل، يشمل مراجعة آليات توزيع المساعدات، وتحديد الجهات أو الأفراد المتورطين إن وُجدت أدلة موثقة.
كما أشار ناشطون إلى أن السكوت عن هذه القضايا يعود إلى طبيعة المجتمع المحافظة، التي تجعل النساء ضحايا مضاعفات: إذ يواجهن الخوف من الفضيحة أكثر من رغبتهن في العدالة.
من جانبها، رفضت الأونروا في بيانات سابقة أي اتهامات من هذا النوع، مؤكدة أن لديها سياسات صارمة لمكافحة الاستغلال والاعتداء الجنسي، وأن أي ادعاءات يتم التحقق منها عبر لجان داخلية مستقلة.
كما شددت على أن كل موظف يثبت تورطه في سلوك غير أخلاقي يتم فصله فورًا.
في المقابل، تؤكد شهادات من الميدان أن المشكلة أعمق من حالات فردية، وأن الفوضى التي رافقت الحرب وغياب النظام الإداري سمحت بظهور استغلال متكرر بأشكال مختلفة، خاصة في توزيع الغذاء والمساعدات النقدية.
وتقول الباحثة الاجتماعية من غزة، “ن.”، إن “النساء في مناطق النزاعات غالبًا ما يتحملن العبء الأكبر من آثار الحروب. فحين تنقطع الموارد، تصبح المساعدات سلعة ثمينة، وأي خلل في منظومة التوزيع قد يتحول إلى أداة ضغط أو إذلال”.
وأضافت أن الصمت لا يعني غياب الجريمة، بل يعكس حالة الخوف العميق الذي تعيشه النساء، وعدم ثقتهن بوجود حماية حقيقية لهن في حال تقدمن بشكاوى.