09/05/2025
التهدئة في غزة... غطاء سياسي وتمهيد لإعادة تموضع ناعم
بقلم: شادي الشرقاوي
تاريخ: مايو 2025
في الوقت الذي تتصدر فيه أخبار "التهدئة المؤقتة" المشهد الإعلامي في غزة، يبدو أن ما يجري على الأرض يتجاوز حدود المساعدات الإنسانية والجهود الدولية، ليأخذ شكلاً أكثر عمقاً وخطورة. إذ تشير المعطيات إلى أن التهدئة ليست سوى غطاء إعلامي وسياسي مؤقت، يخفي وراءه أهدافاً استراتيجية تتعلق بإعادة تشكيل الواقع الميداني والديموغرافي في القطاع.
رغم مرور أشهر من العمليات العسكرية، لم تحقق إسرائيل اختراقاً حقيقياً في أهدافها، خصوصاً في ملف تفكيك قدرات المقاومة أو استعادة الجنود الأسرى. ومع تزايد الضغوط الدولية وظهور مؤشرات على زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى المنطقة، أصبح من الضروري إعادة ضبط المشهد عبر بوابة التهدئة والمساعدات.
لكن اللافت أن آلية توزيع المساعدات لا تأتي من باب الاستجابة لحالة إنسانية بحتة، بل تُستخدم كسلاح ناعم يوجّه السكان نحو مناطق معينة تُوصف بـ"الآمنة". هذا التوجّه يطرح مخاوف حقيقية من نية لإحداث إعادة تموضع سكاني تدريجي داخل القطاع، قد يكون مقدمة لتفكيك النسيج المجتمعي والسيطرة على التركيبة الجغرافية لغزة.
الأخطر من ذلك هو احتمال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة المساعدات، ما يسمح بجمع بيانات بيومترية وسلوكية عن المستفيدين، وبالتالي تعقّب المطلوبين أمنياً وتحليل الأنماط السكانية، كل ذلك تحت ستار "العمل الإنساني".
في ظل غياب رقابة دولية فاعلة، وصمت بعض الأطراف الإقليمية، تبدو هذه المرحلة أشبه بمحاولة إعادة إنتاج غزة ضمن رؤية جديدة تُصاغ خلف الكواليس، لا في الميدان ولا على طاولة المفاوضات.