10/12/2025
تعديلات جوهرية على قانون التنفيذ الفلسطيني: حماية حقوق المدين وتسهيل إجراءات الدائن
في خطوة إصلاحية هامة، أقرّت دولة فلسطين تعديلات جديدة على قانون التنفيذ رقم (23) لسنة 2005، وذلك بموجب قرار بقانون رقم (25) لسنة 2024، والذي دخل حيّز التنفيذ في 30 آذار 2025. تأتي هذه التعديلات استجابة للحاجة إلى تحديث آليات التنفيذ القضائي، وضمان حقوق الأطراف، وتسهيل الإجراءات، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.
أبرز التعديلات ومضمونها القانوني
1. إنشاء "دائرة التنفيذ" ورفع كفاءة الإجراءات
التعديل الجديد أنشأ دائرة التنفيذ لدى كل محكمة بداية، يرأسها قاضٍ يُسمى رئيس التنفيذ، مع معاونين مختصين، وهو المسؤول عن جميع إجراءات التنفيذ، من الحجز على الأموال إلى البيع بالمزاد. ويجوز لقاضي الصلح القيام بهذه المهام في المناطق التي لا توجد فيها محكمة بداية. (مادة 3 من القانون المعدّل)
2. حماية حقوق المدين
تضمنت التعديلات عدة آليات لحماية المدين، منها:
فتح مهلة تنفيذ طوعية قبل أي إجراء جبري، لإعطاء المدين فرصة لسداد الدين أو تسويته.
تحديد أوقات التنفيذ القانونية، منعًا للإجراءات في أوقات غير مناسبة.
تحديد حالات استثناء من الحبس مثل كبار السن، المرضى، الأطفال، الأم المرضع، أو من لديهم أطفال معاقون. (مواد 3 و25)
3. إلزامية التمثيل القانوني للقضايا الكبيرة
أي طلب تنفيذ تتجاوز قيمته 10,000 دينار أردني يجب أن يُقدّم بواسطة محامٍ مزاول، لضمان مهنية الإجراءات وتقليل الأخطاء القانونية. (مادة 8 المعدلة)
4. إدخال الوسائل الإلكترونية في إجراءات التنفيذ
تم السماح بتقديم الطلبات التنفيذية، المراسلات، التبليغات، وحفظ الملفات إلكترونيًا، بما يسهل على المواطنين متابعة قضاياهم، خصوصًا في المناطق النائية أو للمغتربين. (مادة 8 المعدلة)
5. تنظيم الحجز وبيع الممتلكات
لا يبدأ المزاد العقاري بأقل من 50% من القيمة المقدّرة للعقار. (مادة 21)
إلزامية تقديم دفعة أولى بنسبة 15% عند فشل التسوية قبل الحبس. (مادة 22)
أهمية التعديلات وتأثيرها
التعديلات الجديدة تمثل توازناً بين حقوق الدائنين والمدينين:
للدائنين: إجراءات أكثر سرعة ووضوح، مع ضمان تنفيذ الحقوق بشكل قانوني ومهني.
للمدينين: حماية من التعسف، إمكانية التسوية قبل الحجز أو الحبس، وحماية جزء من الدخل.
للنظام القضائي: تحديث الهيكل التنظيمي، إدخال الوسائل الرقمية، وضمان المهنية القانونية في القضايا الكبيرة.
كما تضيف التعديلات ضمانات واضحة لمنع الهروب أو التصرف غير المشروع في الأموال قبل التنفيذ، بما يعزز ثقة المواطنين بالقضاء الفلسطيني.
تأتي تعديلات قانون التنفيذ الفلسطيني لتواكب التطورات الاقتصادية والاجتماعية، مع حماية حقوق الإنسان، وتسهيل الإجراءات، وتحديث النظام القضائي. إنها خطوة إصلاحية مهمة لتعزيز العدالة، وضمان حقوق الدائن والمدين على حد سواء، في سياق فلسطيني حساس ومعقد.