
31/08/2025
رواية: قتلوا ربيعي (ربيع اليمان)
بقلم: ميام
الفصل39................................
خرجت من المستشفى لا تدري أين تذهب فالحياة بأسرها باتت سوداء أمامها ولا ترى خلاصًا لها سوى الموت. انطلقت بسيارتها حتى وصلت ذلك الجرف الصخري المطل على البحر، فتوقفت هناك وانهارت بالبكاء.
تارة تضرب المقود بيديها وتارة أخرى تضرب على صدرها فوق موضع قلبها من شدة الألم والحزن الذي تشعر به. خرجت من السيارة واقتربت من حافة الجرف وتدافعت ذكرياتها مع يمان أمام عينيها، فابتسمت رغم الدموع التي تنهمر على وجنتيها وقالت: أحبك.. أحبك جدًا.. رغم كل شيء ورغم كل ما حدث..
أغمضت عينيها ورفعت ذراعيها تنوي رمي جسدها عن الجرف غافلة عمن يراقبها إلا أنها تراجعت في اللحظة الأخيرة وهمست قائلة: لا.. لا يسعني تركك يمان.. لن أدعهم يحققون مرادهم ويفرقوا بيننا.. لن أموت وأنت تظن بي السوء بسببهم.
مسحت دموع واختفت نظرات الانكسار والحزن من عينيها ليحل محلها لمعة التحدي رغم التعب والشحوب البادي على وجهها. عادت نحو السيارة وقبل أن تغلق بابها عليها وجدت يدًا تقبض عليه تمنع إغلاقه. رفعت بهار رأسها واستهجنت من تصرف ذلك الغريب الذي كان برفقته أربعة آخرين يحيطون بسيارتها والمكان لمنع تطفل أحد.
- من أنت؟ ابتعد عن الباب؟
- كنتِ تنوين الانتحار؟ لماذا لم تكملي وتريحينا؟
- ماذا؟
- يجب أن تموتي، لذا كان من الأفضل لكِ أن تكملي ما بدأته بنفسك بدلًا من أن نجبركِ عليه.
- ما الذي تهذي به يا هذا؟ ابتعد ودعني وشأني.
- هذا لن يحدث أبدًا.
جذب الباب بقوة حتى أفلتت يدها، ثم أشار لرفيقه بالتقدم الذي أخرج حقنة وما أن رأت هي ذلك حاولت الهرب من الباب الآخر، فجذبها من ساقها ومن ثم ذراعها وثبتها على الكرسي مكانها، ليقول الآخر: جيد أن جسدها مليء بالكدمات كي لا تترك مقاومتها أثر.
صرخت وبكت وتوسلت دون جدوى حتى ثبتها من يحمل الحقنة من فكها وحقنها بها خلف أذنها، فصرخت بقوة من شدة الألم والذعر حتى شعرت بتمزق حنجرتها. بدأت تردد اسم يمان لعله يأتي وينقذها كعادته، ولكنه لم يأتِ هذه المرة.
بدأت تفقد سيطرتها على جسدها الذي زحف الشلل لأطرافه حتى لسانها الذي توقف حتى عن ترديد اسم محبوبها، ولم يبقَ سوى دموعها التي تنهمر دون توقف.
ابتسم الأول وترك يديها أخيرًا وشرع يمرر يديه اللتين يغطيهما بقفازات جلدية على جسدها بوقاحة تامة وقال: تبدين أجمل وأنت هادئة.. لحسن حظك أنكِ أننا لا نترك أثرًا لنا وفي الوقت ذاته أنكِ خارجة من عملية إجهاض.. لولا ذلك لما تركتك.
اعتصر نهدها بقبضته، فخرج منها أنين متألم مع دموعها وهي لا حول لها ولا قوة؛ فهناك من يستبيح جسدها ويلمس مفاتنها وهي لا تقوى حتى على الاعتراض بلسانها.
اقترب منه الذي حقنها وقال بحنق: توقف عما تفعله.. هيا لننهي الأمر ونغادر.
هتف الآخر ببرود: انتظر.. ألا يكفي بأنه لا يسعني الاستمتاع بها؟! ألا ترى مدى جمالها؟!
استمر بما يفعله وهي تبكي وتئن؛ فهذا كل ما تستطيع فعله في هذه اللحظة وفي داخلها تدعو الله أن يرسل لها يمان لينقذها من أيدي هؤلاء الوحوش.
ازداد النزيف بين ساقيها، فأبعد يده قائلًا: هذا مقزز.. لو كان الأمر بيدي لانتظرت لبضعة أيام حتى أستمتع بجمالكِ قبل قتلك.. ولكن.. ليس لي نصيب.
جذبها من شعرها وألقاها خارج السيارة، فهتف أحدهم بغضب: على رسلك.. لا نريد ترك أثر.. ما خطبك؟
أجاب الآخر ببرود: ساعدني بحملها قبل أن أجرها من شعرها حتى الجرف.
اتسعت عينا بهار بهلع وهي تراهما يتحدثان عن كيفية قتلها كما لو أنها محض جماد وليست إنسانة ذات روح وقلب ومشاعر.
حملها الأول من يديها والآخر من ساقيها ومشيا حتى الجرف، ثم شرعا بأرجحتها مع العد حتى ألقيا بها وتأكدوا من سقوطها في الماء.
سقطت بهار في الماء وبقيت تنازع لالتقاط أنفاسها حتى خرجت روحها إلى بارئها، وكل ما تمنته في لحظاتها الأخيرة لو أنها ترى يمان وتخبره بأنها لم تخنه أبدًا.
كان يمان يغمض عينيه يستمع لما يقوله ذلك المقيد بصوت مرتجف وقد علم بأنه هو من حقنها بالمخدر ويتخيل كل ما مرت به محبوبته من ألم وحزن وفوق ذلك خوف ورعب بسبب هؤلاء الأوغاد الذين لم يقتلوها وحسب، بل عذبوها وتحرشوا بها وأذاقوها الرعب حتى آخر أنفاسها.
فتح يمان عينيه اللتين باتتا كالجمر المشتعل وقال بهدوء مرعب: من الذي كان يتحرش بها؟
أشار الرجل لقائدهم الصامت، ليرد الآخر بوقاحة وقوة يحاول التظاهر بها: أنا فعلت.. هل ستقتلني؟.. تفضل.. لست خائفًا منك.
حدق به يمان بنظرات مليئة بالوعيد والحقد أدخلت الرعب لقلبه وقال: ستخاف.. وتصرخ كالنساء.. ولن أدعك تموت قبل أن تتوسل لي ولا قبل أن أشعر بالراحة.
نظر يمان لأحد رجاله وأشار لعائلات الرجال قائلًا: خذوهم للداخل وجهزوا لي حفلًا يليق بهذا الوغد.
سارع الرجال لتنفيذ أوامره في حين شعر البقية بخوف وتساءلوا عن مصير عائلاتهم بعد أن وعدهم بتركهم، ولكنه قاطع كلامهم قائلًا: ستخرجون.. لا تقلقوا.. لكن بعد الحساب.. أنتم لا شيء عليكم.. لكن أنت..
أشار لمن حقنها وقال: ستخرج وتعود لبيتك مع عائلتك، ولكن مشلولًا جزاء الحقنة التي شلت جسدها.. أما أنت..
مشى خطوتين حتى توقف أمام المتعجرف الذي يأبى الاعتراف بالخوف أو الهزيمة رغم أن عينيه تقولان الكثير، وابتسم بشر قائلًا: سترى الكثير والكثير معي.. سأريك كل أصناف العذاب.. وسأداويك وأعذبك من جديد.. وسأستمر على هذا الحال حتى تموت.. هل تؤمن بالله؟
بات تنفسه عالي وصدره يعلو ويهبط ورد على سؤال يمان الأخير بحنق: كلا، لا أؤمن بإله ولا غيره.. أنا..
قاطعه يمان بسرعة قائلًا: جيد.. حتى لا تدعوه أن يأخذ روحك ويريحك مني.. لأن لدي مخطط جميل وطويل جدًا من أجلك.
هم يمان بالذهاب، فزحف الرجل الذي توعده بالشلل يرجوه أن يعفو عنه، فركله يمان بقوة وقال: أنا لا أعفو ولا أصفح.. والجزاء من جنس العمل.. كن شاكرًا أنني سأجعلك قعيدًا من خلال عملية جراحية وليس بالتعذيب على يدي.. بعد ذلك ستغادر مع عائلتك.
غادر يمان وقد خلف وراءه من يشعر ببعض الراحة، وآخر يبكي من سوء عاقبته، وهناك من ينهار داخليًا بسبب ما هو مقدم عليه من مصير أسود خاصة بعد أن رأى كل ما يخص فنون التعذيب يتم إدخاله للغرفة أمام عينيه وأشياء لم يسبق له حتى رؤيتها، ولكنه سيجربها لا محالة.
بعد دقائق أتى بعض الرجال فكوا وثاق الرجلين اللذين لم يشاركا في قتل بهار واقتادوهما للخارج حيث وجد كل منهما عائلته في سيارة، وتم زج كل منهما في واحدة استعدادًا للمغادرة.
كان يمان يقف في غرفة وحده مقابل الجدار ويضرب قبضة يده به وجسده يهتز من شدة الانفعال وهو يتخيل بهار التي كانت تنتظره لينقذها في الوقت الذي كان فيه غاضبًا منها ويبحث عن الرجل الذي كان له علاقة بها قبل زواجهما. غاضب من نفسه وبشدة وصدره يكاد يطبق على قلبه من شدة الألم حتى أنه لا يقوى على التنفس. إحساس بشع ومؤلم للغاية لا يمكن وصفه.
فتح عينيه عندما شعر بها وإذا بها تقف بحانبه تبكي بصمت ليبكي هو الآخر ويهمس لها قائلًا: خذلتكِ.. ظلمتكِ.. تعذبتِ كثيرًا يا حبيبتي وأنا غافل عن كل ما أصابك.
هزت رأسها نافية وقالت: ليس ذنبك.. لقد انتهى أجلي وحسب.
ضم شفتيه وأغمض عينيه بندم وخجل، ثم قال: سامحيني.. على كل شيء.. أرجوكِ سامحيني يا حبيبتي.
اقتربت منه وابتسمت من بين دموعها قائلة: إن كان على الضرب وسقوط الجنين فقد سامحتك عندما أدركت أنه لا يسعني العيش من غيرك، وبأن حبي لك أكبر من غضبي منك.. عدا عن هذا لا يوجد شيء لأسامحك عليه يا حبيبي.. كنت سأعود إليك وأواجهك من جديد حتى تسمعني وتفهم كل شيء.. لكنهم.. لم يسمحوا لي.
قالت جملتها الأخيرة بألم وحرقة، فمد يده يحاول لمس طيفها قائلًا: بهاري.. حبيبتي الجميلة.. لن يهنأ أحد تسبب ببعدك عني يا روحي..
هزت رأسها برفض وهي تبكي إلا أنه أردف قائلًا: لن يعيشوا.. والمنظمة التي كنت أجمع الأدلة كي أخرج منها بسلام سأبيدها عن بكرة أبيها.. قتلوكِ خشية أن أتركهم ويتأثر عملهم.. أنا الآن سأنهي أمرهم.
هتفت باسمه بخوف ورفض لما يقوله إلا أنه أشار برأسه نافيًا وعيناه تشتعل بالغضب وكأن حممًا بركانية على وشك الانفجار منهما لتبيد كل من يقف أمامه. كيف لا وهناك من قتل محبوبته وعذبها وحرمه منها وحرمها منه ومن السعادة التي كانت ستعيشها معه.
تم اقتياد من حقن بهار إلى غرفة أخرى بعد حضور الطاقم الطبي الذي سيجري له العملية وسط صراخه وتوسلاته، ولكن قضي الأمر.
أما الآخر الذي شارك بالقتل، فأمر يمان بضربه وكسر ساقيه بطريقة لا تجعله يمشي بشكل طبيعي من جديد ومن ثم تركه يغادر مع عائلته.
حان دور المتعجرف الذي بدأ يفقد هدوءه ويحاول المقاومة، لكن دون جدوى فقد قاموا بربطه بكرسي خاص أشبه بالسرير حيث كان جسده ممدد عليه، وهناك أماكن خاصة لتقييد يديه ورجليه ومن الوسط وحتى الرأس بحيث يتم تثبيت جسده بالكامل.
دخل يمان وقد شمر عن ساعديه وتساءل ببرود وتهكم: ألم تشعر بالخوف بعد؟ جيد.. فأنا أريدك أن تكون قويًا كي تحتمل لأطول فترة ممكنة.. لا تمت بسرعة.. لنبدأ بإحماء بسيط.
لاح شبح ابتسامة خبيثة على شفتيه وقام بوصل بعض الأسلاك به وضغط على جهاز بجانبه، فشرع الآخر بالصراخ وجسده يرتجف نتيحة التيار الكهربائي الذي ضرب جسده بلا رحمة. بعد بضع مرات توقف يمان وقال: لا تفقد وعيك الآن.. هذا محض ترحيب فقط.
وقف يمان بجانب طاولة مليئة بالأدوات الحادة المختلفة والتقط إحداها بعد تفكير وهو يقول: لنأخذ الأمور بالتدريج.
أمسك بخنصره ونزع الظفر من اللحم بقوة جعلت الآخر يصرخ بقوة مما جعل يمان يبتسم باستمتاع وهو يكرر الأمر مع بقية أصابع يديه وحتى قدميه. صفعه يمان على وجهه وقال: لا تفقد الوعي.. سأبدأ بتقطيع أصابعك الآن وأريد أن يصل صراخك عنان السماء.. سأقطع جسدك بأكمله، ولكن قطع صغيرة للغاية فأنا لست متعجلًا.. سأخلع أسنانك وأقطع لسانك وأقتلع عينيك.. وسأخلصك مما بين ساقيك.. وفي النهاية عندما أشعر بأنك ستموت سأشق صدرك دون تخدير وأخرج أعضاءك.. لن أبقي شيئًا.. ومن ثم أطعم لحمك للكلاب التي ستكون قد اعتادت على طعم لحمك الذي سأذيقها إياه بالتدريج.. وأول ما ستتذوقه هو أصابعك التي سأطعمها إياها أمامك.. كيف سيكون شعورك يا ترى وأنت تراها تأكل قطعًا من جسدك؟.. اليدين اللتين لمست بهما زوجتي، وعيناك اللتين نظرتا لها، وقدميك اللتين مشيت بهما لقتلها.. لسانك الذي خاطبها.. عقلك لا يمكنه تخيل ما سأفعله بك.
حدق به يمان بشر ووعيد وصرخ بأحد رجاله ليحضر الكلاب دون أن يحيد بنظره عن ذلك المقيد المذعور. شرع يمان بتقطيع أصابعه إلى أجزاء صغيرة وجمعها في طبق والآخر يصرخ حتى شعر بأن حنجرته تنزف دمًا، ولكن لم يعد هناك رحمة ولا خلاص فاليوم هو يوم الحساب.
بعد مدة تخلص يمان من كل أصابع ذلك الوغد ورفع الطبق أمام عينيه ليريه أصابعه المقطعة لأجزاء صغيرة، ثم وضعها أمام الكلاب التي شرعت بتناولها لينهار الآخر بالبكاء من هذا المشهد وقد بدأ يستسلم للظلام الذي يزحف نحوه.
توقف يمان وأدرك بأن هذا كافٍ لليوم وأمر رجاله بتضميد جراحه وإيقاف النزيف، ثم غادر.
بعد تلك الليلة كان يمان يعمل نهارًا على خطته لإنهاء تلك المنظمة بأسرها، ولم يترك أحدًا يمكنه الاعتماد عليه دون أن يحادثه حتى أنه دفع الكثير من الأموال لقاء الحصول على كل من يستطيع مساعدته في القضاء عليهم، بل واستعان بأعدائهم، ولكي يكسب ثقتهم أخبرهم بأنهم قاموا بخيانته وقتلوا زوجته، والانتقام أمر مشروع في هذا العالم الذي يعاقب الخيانة بأبشع الأشكال. هؤلاء الذين ينتقمون من كل من يتجرأ على إيذاء آخر من عالمهم أو ما يملكه حتى لو مسَّ كلبهم بسوء سيشعلون حربًا لأجله، ليس من أجل الكلب، بل من أجل تفكير الغير بالاعتداء على ما يخصهم وجعله عبرة لكل من تسول نفسه المساس بشيء له.
بالكاد يتذوق طعم النوم في تلك الغرفة الباردة الموحشة ضمن هذا المبنى في قلب الغابة. يمضي وقته بالاتصالات، والتخطيط، والتفكير، ويعد الكثير من الخطط على أمل أن تكون نهايتها سلامته ليعود لعائلته. لقد اشتاق إليهم كثيرًا، لابنته وأخيه والجميع وخاصة صاحبة العيون الزرقاء الجميلة والتي تكون آخر ما يره قبل نومه، ولكنها دومًا ما تحمل نظرات الحزن والغضب كما رآها في المرة الأخيرة عندما ودعها قبل مغادرته. لم يرَ بهار طوال هذه الفترة، ربما لأنه أطفأ ضميره ولا يريد أي إزعاج منها لما يقوم به؛ فلقد عاد لحالته السابقة قبلها ببساطة من أجل الانتقام لها ورغم ذلك يحارب شياطينه كي لا يريق الدماء قدر المستطاع التي لو انصاع لها لما ترك أحدًا يغادر هذا المكان على قيد الحياة. لقد كان في داخله رغبة بقتلهم جميعًا مع عائلاتهم ودفنهم هنا في الغابة، ولكنه لم يشأ أن يصبح أسوأ من ذي قبل ويقتل أبرياء لا ذنب لهم. لن يعود لأهله كوحش ملطخ بدماء الأبرياء؛ فهو يريد إغلاق هذا الباب للأبد.
استيقظ ليلًا من نومه وعلم بأنه لن يتمكن من العودة للنوم، فنهض ليسلي نفسه بالشيء الوحيد الذي يفرغ به غضبه ومقته ويتلذذ بعذابه.
دخل تلك الغرفة التي يقبع به ذلك المقيد الذي لم يعد له ملامح من كثرة التعذيب الذي يطاله يوميًا. استنفر رجاله فور رؤيتهم له يدخل المكان ويسألهم عن حال ذلك الوغد في حين أن الآخر استيقظ من نومه وارتعد جسده ما أن سمع صوت يمان وقد علم بأنه أتى من أجل جولة جديدة.
اقترب يمان بخطواته المتمهلة منه وكأنه يلعب بأنفاسه التي باتت تتثاقل تدريجيًا مع اقترابه منه وصدره يعلو ويهبط بشكل ملحوظ مما جعل يمان يبتسم بزهو خاصة عندما رأى دموعه تنساب رغمًا عنه.
وقف يمان بجانب الكرسي المقيد به وتأفف باشمئزاز قائلًا: ما هذه الرائحة النتنة؟ ألم تأخذوه للحمام؟
رد رجله قائلًا: لا سيدي، بعد آخر جولة تعذيب تغوط في ملابسه وفقد الوعي من شدة الألم، لذا تركناه على حاله.
امتعض وجه يمان وقال: نظفوه ونظفوا الكرسي جيدًا .. لا أريد أثرًا لهذه الرائحة الكريهة.. وقيدوه عاريًا .. بسرعة .. لا أريد أي تأخير.
خرج يمان مشمئزًا من الرائحة وانتظر لبعض الوقت حتى أتاه رجله يخبره بأن كل شيء قد تم حتى أنهم رشوا بعض المعطرات في الجو لعلمهم بأن زعيمهم يكره القذارة ويحب النظافة والترتيب في كل الأمور حتى في التعذيب.
دخل يمان وهو يبتسم بخبث عند رؤيته لذلك المقيد وجسده العاري يرتعد بقوة، ثم همهم قائلًا: هذا أفضل.. في المرة القادمة اطلب منهم دخول الحمام.. لست طفلًا لتفعلها على نفسك.. عيب.. أنت رجل كبير.. هل تصدق أنني أستمر بنسيان اسمك.. آه تذكرت.. مارتن الوغد.. أفكر لك باسم أنثوي فقد خطرت لي فكرة فظيعة للغاية.. أفكر بتحويلك إلى أنثى.. سأحضر لك فريق طبي تجميلي من أعلى طراز ليقوموا بتحويلك لامرأة جميلة للغاية.. هل تعلم لماذا؟!
انحنى يمان نحوه وهمس له قائلًا: كما ترى رجالي يمكثون لفترة طويلة في مكان موحش دون امرأة.. لذا فكرت بأن أحولك لامرأة وأجعلك ترفه عنهم.. فما زال لدي وقت حتى أنفذ خطتي بالقضاء على المنظمة كما تعلم.. وهؤلاء لن يحتملوا البقاء بعيدين عن النساء كل هذه المدة.. ما رأيك؟!.. هل توافق على مساعدتنا؟
صرخ مارتن من بين دموعه: لا.. أرجوك لا .. توقف عما تفعله بي.. سأفعل أي شيء من أجلك.. يمكنني الذهاب لقتل الرجل الذي أمرني بقتل زوجتك.. لكن لا تفعل شيئًا كهذا بي.. أتوسل إليك.
قلب يمان شفتيه وقال: لست بحاجة لعرضك هذا فأنا يمكنني قتله متى شئت وبكل سهولة، لكنني لا أود قتله وحده، بل تدمير المنطمة بأكملها التي من أجلها فكروا بقتل زوجتي كي لا أبتعد عنهم. لا تقلق لن أفعل ذلك الآن.. سأتسلى بتعذيبك أكثر بعد.. والليلة سنجرب الحرق، ما رأيك؟ لا تقلق لن أجعل حروقك عميقة حتى يتمكن أطباء التجميل من علاجها.. لا أريد لرجالي الاشمئزاز من جمال المرأة التي ستكون بين أيديهم.. فمن المفترض أن ترفه عنهم.
تأكد مارتن من أنه يتحدث بجدية ولا يهدد وحسب، فشرع يصرخ ويتوسل دون جدوى ويمان شرع بكي جلده بقضيب حديدي ذو رأس مدبب بعد أن قام بتسخينه في نار معدة خصيصًا لهذا الغرض ولم يتركه حتى فقد مارتن الوعي من شدة الألم.
رمى يمان القضيب من يده ونظر له بتهكم قائلًا: ظننته أقوى من ذلك وسيتحمل أكثر.
هتف وهو في طريقه للخروج قائلًا: عالجوا حروقه.
وقف يمان في الخارج يتأمل سكون المكان من حوله، فاقترب منه المسؤول عن مجموعة الرجال الذين معه وتساءل بهدوء: سيد يمان، هل حقًا ستحوله لامرأة؟
رفع يمان زاوية شفتيه بسخرية دون النظر إليه وأجاب قائلًا: لم أحسم قراري بعد..
ثم التفت لرجله وأردف بابتسامة ماكرة: إن كان يعجبك سأحوله من أجلك.
اتسعت عينا الآخر باستهجان وتقزز، فهز يمان رأسه مبتسمًا على ردة فعله، ثم قال: الأمر سيستغرق وقتًا ولا أدري كم سيحتمل، وأخشى إن حولته لامرأة أن يعجبه الأمر.. ماذا لو كان ممن يعجبه الجنسين؟!
حمحم الآخر وقال: أنا فقط تساءلت لأنه سيكون من الصعب الحصول على فريق طبي في هذا المكان، وهذا يحتاج لكثير من المعدات وغيرها لتهيئة المكان للعمليات الكثيرة.
هز يمان رأسه مؤكدًا وقال: أجل، وهو لا يستحق كل هذا الجهد والمال. أريد دفعه للجنون فقط عندما يرى أنني أتحدث بجدية. حاول التحدث عبر الهاتف أمامه وتظهر له بأنك تبحث عن الأطباء والمعدات وما إلى ذلك.
أومأ له الآخر قائلًا: أمرك سيد يمان.
جعد يمان وجهه قبل انصراف الآخر مظهرًا رغبته بقول شيء آخر، ولكنه متردد، فتوقف رجله وتساءل قائلًا: أهناك أمر آخر؟
أخذ يمان نفسًا عميقًا وقال بحيرة: لا أدري، أفكر بشيء لأزيد عذابه بما أنني ربما لن أحوله لامرأة.
عقد رجله حاجبيه وتساءل بفضول وحيرة: ما هو؟
أغمض يمان عينيه وقال: الأمر ليس أخلاقيًا وكنت أعاقب من يفعله بالموت، لكن من يعلم على كم امرأة اعتدى هذا اللقيط؟! أريده أن يجرب هذا الشعور قبل أن يموت.
ازدادت حيرة الرجل وتساءل قائلًا: هل عدت لفكرة تحويله؟
نظر له يمان وتأفف بضيق قائلًا: قلت لك لا.. لأنه لا يستحق.. ألم تفهم قصدي بعد؟
رمقه الآخر بقلة حيلة وحيرة حقيقية، فامتعضت ملامح يمان من غبائه وقال موضحًا: اسأل الرجال الجدد الذين أحضرناهم إن كان أحدهم يفضل الرجال.. هل فهمت ما أقصده؟!
هتف الآخر باستدراك: آه.. فهمت.. فهمت.. تريدهم أن..
اشمأزت ملامح يمان وقاطعه بسرعة قائلًا: لا تكمل فمجرد ذكر الأمر مقزز للغاية.. اسأل ودعهم يذيقونه الويل.. أود سماع صراخه من غرفتي، هل فهمت؟
أومأ له رجله بطاعة وانصرف من أمامه بينما كان يمان يشعر بالضيق من نفسه، ولكنه همس لنفسه قائلًا: يستحق ذلك.. يجب أن يجرب ما كان يفعله بغيره.
بهذه الكلمات كان يحاول إطفاء بصيص النور بداخله، وصوت ضميره الذي يستنكر عليه فعلته هذه، ولكن هيهات؛ فالنار المشتعلة في صدره تحرق كل ما يقابلها من ذرات الشعور بالذنب وهمس الضمير بمجرد أن تعود صورة جثة بهار أمامه...........................................
يمكن الفصل ثقيل ومليان تعذيب لكن يمان بفرغ وجع سنين في شخص حرمه من حياته وسعادته
يمان رغم كل اللي بعمله إلا أنه في تغيير عن قبل ما يتعرف ببهار
صار عنده مشاعر وضمير وهاد اللي بحاول أوصله لكم، لكن رغم هيك مش قادر يسامح أو يوقف انتقامه
لا أبرر أفعال يمان لأنه أصلًا اللي قرأ من البداية (رواية إيلين) عارف إنه غير سوي نفسيًا وعنده عقد ومشاكل كثير لكن بدأ يتغير