فرقعات صحفية

فرقعات صحفية مقالات نقدية ساخرة..

30/05/2025



في زوايا العديد من البيوت الحلبية، لا زال بابور المازوت يقبع كرفيق قديم- مع تحفظي على كلمة " رفيق " سيئة السمعة والصيت- تعلوه طبقات من السخام، شاهد على ليالٍ طويلة كانت الكهرباء والغاز المنزلي فيها هبة نادرة.
هذا البابور لمن لا يعرفه، جهاز متعدد الوسائط، أو "ملتيميديا"، كما يُقال، لا يعرفه إلا الحلبيون، يستخدم للاستحمام، والتدفئة في ليالي الشتاء القاسية، وهو أيضًا للطبخ والنفخ.
وها هي "أم العيال" تنظر إليه اليوم، بعد توقيع اتفاقيات الطاقة، كأنها تستأذنه في التقاعد. سؤال يردد نفسه في فضاء البيت: هل سيغادر إلى متحف الذكريات المرّة؟

لا زالت ذكريات "حمام الخميس" حية كجرحٍ نازف: الماء يتحول إلى ثلج فجأة، ويعلو صراخ العيال من هول البرد، ورائحة المازوت تتسلل إلى الشعر والجلد كضيف ثقيل.

يتحدث الواقع أن أيام الظلم هذه بدأت تُطوى إلى الأبد، وأن القلب يتساءل: هل تنتهي مهزلة "الاستحمام على عَجَل" قبل أن ينطفئ التيار؟

أما ظل صاحب المولدة "الأمبيرات"، فما زال كابوسًا يسكن الأحياء، فواتيره الشهرية كالسيف، وحساباته تزداد غموضًا كلما طال انقطاع الكهرباء الرسمية.
هل سيغير مهنته اليوم، أم سيظل يتردد في الحي كشبح يُذكرنا بعصر "الظلام البائد"؟

تبشر الاتفاقيات الجديدة بزوال إمبراطورتيه… فهل سيصبح بائعًا للثلج في الصيف؟ وما أدراك ما الثلج، إنه "البوظ"، إرثٌ آخر من عصور الظلام البائد.

الأمل يتسرّب إلى القلوب كضوء خافت، لعل الغسالة "ام البرميل"، التي تشبه إلى حد كبير براميل النظام البائد، ستُكمل دورة عملها دون انقطاع، ولعل البوتوغاز ينهي طبخة الطعام قبل أن تنفد اسطوانة الغاز الذهبية التي استلمناها عبر البطاقة الذكية…
وبراد بردى الـ 11 قدمًا، الذي ورثته عن الحجة الوالدة، عداً ونقداً قدم بقدم، عمره 35 عامًا، أكل الصدأ جسده، هل سيتحول إلى صندوقٍ بارد يغنينا عن "البوظ"؟

"أم العيال" بدأت تعلق آمالها على حروف الاتفاقيات، بينما يتربّع البابور في زاوية البيت كفارس منهك ينتظر إشارة الرحيل.
حتى صاحب المولدة بدا لي ،وهو يعدّ نقوده الأخيرة:
"هل أبيع المعدات… أم أُحوّل النشاط إلى مقهى إنترنت؟"

بانتظار أن أشرب قهوة الصباح مع أم العيال غدًا… بدون رائحة المازوت؟ و"سيلفي "تاريخي لم ألتقط لحظته بعد.

ܓܛܟ

-----
قناتي على التلغرام
https://t.me/farq3at

 حيث كانت الكلمات تأخذ شكل السكاكين، كنت أحاول أن أكتب. أحشر نفسي في إحدى زوايا البيت، أختبئ تحت الدثار، أخرج برأسي كل ح...
24/01/2025



حيث كانت الكلمات تأخذ شكل السكاكين، كنت أحاول أن أكتب.
أحشر نفسي في إحدى زوايا البيت، أختبئ تحت الدثار، أخرج برأسي كل حين من تحت الغطاء، أتلفت يمنة ويسرى، أمسح عرقي، ثم أعود لأدفن رأسي من جديد، كمن يلتقط أنفاسه في بحر عميق ليُقاوم الغرق.
أكتب ثم أمسح ما كتبت، وأعيد الصياغة مرات عدة، هذه قد يتم تأويلها، وتلك قد يتم تفسيرها في غير سياقها، ربما هذه الكلمة ألطف، أستبدلها بأخرى، أستخدم الإيحاء، الإشارة غير المباشرة، التلوين، الإسقاطات، السخرية... حتى يتساقط الحبر من قلمي كأنه متردد أمام جيوش من الرقابة.

في خضم هذه المعركة، كانت أم العيال تراقبني، عيناها ترسلان إشارات القلق كما لو كنت أخوض نزالاً مع غضب لا يُرى.

"أراك تجهد نفسك كثيراً وكأنك تكتب بالنار وتخشى أن يلتهمك لهيبها"..؟ قالتها بهمس..

كأن كلماتها تلك صبت فوق رأسي صاعاً من حميم.
وفي تلك اللحظة، نظرتُ إليها بعمق، وقلت: "اعلمي يا سيدة البيت، إن الكتابة تحت الحصار هي مثل الرقص على حافة الهاوية.
قد تنزلقين، لكنك لا تملكين خيار التراجع".
قالت بخفّة: "وربما في النهاية، قد نفاجئ العالم بإصدار كتاب" الهاوية لا تنتظر".

أجبتها وقد تذكرت قول أبو فراس الحمداني: "لولا العجوز بمنبج.. ما خفت أسباب المنية".
" لو لم يكن قلبي مقيّدًا بخشيتي من عواقب ما يكتبه قلمي وارتداده على عائلتي، لما ترددت في الضغط على زر النشر. ".
يبادرني أحياناً صوت السخرية الداخلية: ربما عليك أن تضيف عبارة " كاتب تحت الحصار " في نهاية كل مقال.

أتذكر كيف كتبت يوماً منشوراً قصيراً عن الوضع الخدمي المتردي في الأحياء الشرقية.
كانت تصل إليهم كلماتنا على الفور بواسطة أزلامهم من الذين يسترقون صورة للمنشور ويرسلونها للمسؤول..
كانوا يقدمون خدماتهم في إيذاء الناس بالمجان.. هكذا كنا نكتب في ظل نظام قمعي لا يرحم.

ثلاثة أسطر كانت كافية لإفزاع محافظ حلب. لقد وصله منشوري «screen shot» من قبل أحد جنوده الأوفياء، وما أكثرهم..!
جاءني النذير: "يجب حذف المنشور فوراً!" وكأنني أطلقت رصاصة في ساحة محظورة.

ضحكت في داخلي، وتخيلت المحافظ يتعرق ويصلح ياقة قميصه، بينما لا يعلم أنني هنا أتناول كأس القلق باسترخاء تحت الغطاء الجردوني.

كان مطلوبًا منا أن نتردد في كل كلمة نكتبها. وكأن القلم هو سلاح ذو حدين، يختار أحيانًا أن ينقلب على صاحبه.
كنت أقول: "الشجاعة ليست في غياب الخوف، بل في القدرة على الكتابة رغم ذلك الخوف".

في أحد الأيام، جلست أمام الشاشة، وقلت لنفسي: "إذا كانت الكلمات لا تُعدّ من الأغراض المتداولة، فقد نكتبها على ظهر ورقة شجرة، عسى أن تصل عبر الرياح".
لكن وسط كل هذا، أدركت أن الكتابة ليست مجرد فن، بل هي لعبة خطرة تحتاج إلى دماء وأعصاب.

ورغم كل ذلك، أعود لأقول: لا أخشى في الحق لومة لائم، بل أكتب لأحيا، لأتحدى الخوف بأحرف تنبض بالحياة، قادرة على إشعال نيران التغيير ولو بأضعف الإيمان.
هكذا كنت أكتب..!
ܓܛܟ

قناتنا على التلغرام
25/12/2024

قناتنا على التلغرام

مآذنٌ صامتة وأصواتٌ قمعية؟! فرقعات صحفية || عمود الرأيتطرح علي ّ أم العيال سؤالًا يبدو ساذجًا للوهلة الأولى: "كم عدد الم...
23/12/2024

مآذنٌ صامتة وأصواتٌ قمعية؟!

فرقعات صحفية || عمود الرأي
تطرح علي ّ أم العيال سؤالًا يبدو ساذجًا للوهلة الأولى: "كم عدد المساجد في سورية؟".
لكن ما إن نبدأ الحديث، حتى يتحول هذا السؤال إلى قنبلة فكرية تفجر واقعًا أليمًا:
"حوالي 40,000 مسجد"، أعددت الأرقام، لكن أم العيال كانت أذكى مني، وقد ردت ساخرًة: "وكلها كانت تدعو للرئيس المخلوع، ورغم ذلك سقط!".

هذا النظام المخلوع لم يُحكم السيطرة على الناس فحسب، بل أقام جدرانًا حول آذاننا وقلوبنا، بينما كانت المآذن تُصدح بالدعوات.
كيف يُمكن لنظامٍ أن يستمد شرعيته من أصوات مساجد كانت تمثل الأمل، بينما كان بوضوحٍ يزرع الخوف والجبروت في قلوب الناس؟

أتذكر كيف كانت المساجد، تلك الملاذات، تُستخدم كدروعٍ لممارسة القمع، ليس بدافع الإيمان، بل لمجرد أن يُظهر المخلوع أن الصلاة تتماشى مع السلطة.

صمت المآذن كان تعبيرًا عن صمت الأرواح المقهورة. الدعاوى لم تكن سوى فقاعات؛ صورة جميلة تُخبئ قبح الواقع، وضياع الأحلام بين جدران هذه المؤسسات التي كانت أكثر من كونها مركبات للعبادة.

المثير للسخرية، هو أن النظام، بمهارة، كان يقاوم الأصوات الجريئة التي تغرد خارج السرب. وكأن الدعوات من المساجد كانت وسائل للتهدئة، لتعميق الخطاب الديني في سياقٍ سياسي مضطرب، بينما كانت أصوات الحق تُحبس في الزوايا، مكتفية بالاستغاثة دون أن تُسمع.

وبعد كل هذه السنوات من القمع والتنكيل، تأتي اللحظة التي يدرك فيها الناس أن الأدعية وحدها لا تكفي، وأن المآذن التي صمتت لن تبقى دائمًا كذلك.!

اليوم، ومع تسارع الانفراجات ، تعود الأصوات من جديد، تملأ الفضاء بصرخات الحرية، محطمةً القيد الذي فرضه النظام المخلوع.

المآذن، التي شهدت جميع أنواع الاستبداد، تتهيأ لتكون شهودًا على التحولات الجذرية.
إننا على أعتاب فصلٍ جديد، حيث من الممكن أن تُصبح المساجد مناراتٍ للأمل بدلاً من كونها عربات نقلٍ للعبودية.

إذا كانت السنوات الطويلة من حكمٍ مُعتصٍ قد رسخت في الأذهان فكرة أن القمع هو السائد، فمن المؤكد أن الطاغية كان يتجاهل إرادة الشعب الذي لفظه.

لذلك، دعونا نتعهد بأن نرفع صوت الحق من أعلى المآذن، ونُعيد بناء وطنٍ يؤمن بالتغيير والحرية، حيث يعود للأصوات الصادقة مكانها الصحيح في مواجهة صوت الاستبداد.

—----
تابعوا قناتنا على التلغرام:

https://t.me/farq3at

27/06/2024


أطفأت سيجارتي ومازال دخانها يتلاشى في الهواء، استدرت نحوها ببطء. كانت عيناي تلتقط بريقاً خافتاً من ضوء القمر الذي يرقص على ملامحها. بينما كنت ما زلت مستلقياً بجانبها، شعرت بأن لحظاتنا تلك تحتوي الكون بأسره، كل شيء من حولنا كان ينبض بالسكون والسلام، وكأن العالم قد قرر أن يمنحنا لحظة خلود خاصة بنا في تلك الليلة القرمزية :
• هل تتذكرين يا أم العيال تلك المرات عندما كانت الحكومة تقدم لنا وعودًا طازجة بنكهة الورد، ثم تتبخر تلك الوعود على نار الواقع لتتحول إلى "طبخة بحص"؟
• ردت بتفاؤل : دعنا نضع قدراً من الملح وننتقل الآن إلى موضوع أزكى بنكهة الأمل: البدل النقدي للدعم.!
اعتدلتُ في جلستي كمن قرصته بقة سداسية الأرجل وقلت في نفسي، "لا بد أن هناك رؤية استراتيجية لأم العيال في هذا الملف الضخم!"، هي تلك التي تملك خطة لكل شيء، من تقسيم الأطباق في المطبخ إلى ترتيب الكواكب في المجرة. ليس هذا فقط، بل دائماً ما تأتيك بتلك الحكمة المختبئة بين طبقات خبرتها وجرأتها، وكأنها مرجع غير رسمي لكل المشاكل والمواقف.
• تفضلي، أتحفينا بسردك المقنع.
•قالت وهي ترفع حاجبيها كأنها تفكر في أمر عظيم: "يبدو لي أن هذه الخطوة إيجابية في لبوسها العام، إذا افترضنا أن الحكومة استفادت من تجارب الدول الأخرى، وأنها ليست في طور إجراء تجارب جديدة علينا."
• ابتسمتُ بمكر : "ربما هذا صحيح، ولكن لنستعد دائمًا للتفاؤل الحذر، و الأمر متاح بين يدي حكومتنا لأن تقدم لنا التجربة " محلوسة مملوسة “، جاوبتها بتهكم.!
•حسنًا، لماذا لا نعطيهم فرصة جديدة؟
قالتها أم العيال و هي تتأمل الوضع الجديد، محاولة أن تجد بادرة أمل وسط الزحام من القرارات الحكومية التي غالباً ما كانت تحمل لها الكثير من الألم.
تناولتُ هاتفي وبدأتُ أقرأ عليها بعض الأخبار حول تفاصيل البدل النقدي للدعم.
قالت بنوع من الجدية : الأمور تسير في اتجاه أفضل. في قراءتي الأولية، تتسم هذه الخطوة ببعض الإيجابيات الملموسة التي قد تغير حياتنا اليومية بشكل كبير.
أولاً، توحيد سعر المحروقات والقضاء على السوق السوداء يمكن أن يجلب لنا وفرة في الغاز والمازوت والبنزين .
وماذا عن الخبز؟! أردت إفحامها بهذا السؤال المباغت.
نعم، الخبز!
هزت رأسها وقالت بثقة أن الخطوة ستؤدي بشكل طبيعي إلى بطلان ظاهرة الاتجار بالخبز، ما ينعكس بوفرة القمح وانخفاض أسعار الرغيف. وهل هناك ما يُشعرنا براحة البال أكثر من أن نتناول ساندويتش ساخن دون القلق حول نقص القمح؟
•وماذا عن البطاقات الإلكترونية المتداولة بشكل غير قانوني..؟
•أنا أرى - والقول لأم العيال - أن "البطاقات" التي أصحابها خارج القطر تتساقط واحدة تلو الأخرى من جيوب التجار المحتالين. نعم، إذا استمر المصرف بالمطالبة بحضور شخصي لإجراء المعاملات، سنشاهد سلسلة من السقوط المدوّي لهؤلاء.
•تبسمتُ ضاحكاً من قولها:
وكيف لو تم استخدام "ورقة الجوكر"..؟
أجل، تقارير طبية مزورة ، لفتح حسابات بنكية كما حصل في استخراج الآلاف من البطاقات الإلكترونية بنفس الطريقة..؟
هنا بالفعل ستكون المصيبة والطامة الكبرى، و"نهاركم أسود".
•ردت علي أنها ستطالب الحكومة عبر منشور فيسبوكي رنان بأن تعمم على المصارف كافة بعدم اعتماد التقارير الطبية التي غالباً ما تكون مزورة لفتح حسابات بنكية لهؤلاء.. أما آن الأوان لإبطال مفعول آلاف البطاقات الإلكترونية المزورة.!
•لكن ليست كل الأمور وردية يا أم العيال بعد، فهناك موضوع النقل والمواصلات الذي ما زال يحتاج إلى مقلاة عميقة من التفكير والحلول العملية. كيف يمكن تأمين المحروقات لهذا القطاع؟ وكيف نضمن أن لا يتم تحميل الركاب فروق أجرة فلكية؟
ساقتني في اتجاه آخر من الحديث، وقالت بنبرة وكأنها اكتشفت حلاً سحريًا لمعضلة الطاقة: "الآن لمعت في ذهني صورة رائعة! ماذا لو قمنا بدفع قيمة الدعم المخصص للكهرباء مباشرةً لصاحب مولدة الأمبير؟ فبما أننا من أبناء المناطق العشوائية ومحرومون من نعمة الكهرباء الحكومية، فإن ذلك سيضمن لنا على الأقل استمرار الضوء الباهت في الظهور في منازلنا."
كدت أن أجيبها بملاحظة ساخرة عن جودة هذا "الحل العبقري"، لكني قررت أن أكتفي بابتسامة مشوبة بالمرارة والتفكير في المستقبل الذي ربما تضيئه فكرة أكثر إبداعًا.
•سألتها بسخرية: لكن ماذا لو كان مبلغ الدعم مشحونًا على البطاقة الذكية مباشرة؟ ويقوم الجابي بقطع مبلغ الفاتورة عبر تمرير البطاقة في الجهاز .؟
• نكون وقتها قد أكلنا ما أكل الدجاج ، قالتها بقرف .!
لكنها لفتت إلى فكرة مبتكرة لا تخلو من الذكاء: "لماذا لا نجعل مبلغ الدعم يأتي عبر البطاقة الإلكترونية؟ ذلك سيكون حلاً مثاليًا لتخفيف أعباء فتح الحسابات المصرفية، وتسهيل وصول الدعم إلى أهل الريف والمناطق البعيدة عن المدينة." وأضافت بتفاصيل استراتيجية: "يمكن أن توضع نقاط شحن في مراكز المدن والمناطق، والبلديات تتولى شحن البطاقات الذكية بمبلغ الدعم شهريًا. بهذه الطريقة، سيتمكن المواطن من استخدام مبلغ الدعم بكل سهولة لشراء أسطوانة الغاز، أو ربطة الخبز، أو دفع فاتورة الكهرباء والمياه. كل ما عليه فعله هو تمرير البطاقة على الجهاز، ليتم اقتطاع المبلغ المستحق تلقائيًا.
" بدا لي الأمر وكأنه نقلة نوعية في كيفية تقديم الدعم، متجاوزين تعقيدات البيروقراطية القديمة بجسور التكنولوجيا الحديثة.
وأردفت، بنبرة تجمع بين الجدية والسخرية: "لم لا؟ دعونا ندخل جميع القطاعات الخدمية في إطار البدل النقدي، ونحرر الأجور والرسوم في كل شيء، بدءاً من الجامعات والمشافي والمدارس، وصولاً إلى 'التواليتات العامة' أجلكم الله."
كانت تتحدث وكأنها تحمل شعلة من الحماس والمثالية المخلوطة بشيء من الواقعية القاسية. كانت تؤمن بأن العدالة الحقيقية تكمن في أن يدفع الجميع وفق قدراتهم، الغني والفقير على حد سواء. ففي نظرها، لم يكن من العدل أن يتحمل أحدهم عبء الآخر، بل أن يكون التوزيع أكثر تكافؤًا.
باندفاعها هذا، لم يكن عجبًا أن تتلقى موجة من الابتسامات المصحوبة بالدهشة والاحترام في آن واحد.
ومع انغماسها في أفكارها الوردية حول هذا الموضوع، غاصت في تفكير عميق حملها عبر الخيال إلى مكان بعيد وكأنها غابت عن جلستنا الحوارية لدرجة أنني حسبتها قد غطت في نوم عميق! كانت وجنتاها تستريحان على كفّيها، وعيناها تغمرهما شرود ملهم، كأنها تبحر في عوالم لا تراها إلا هي.
وضعتُ يدي على كتفها، جلبتها إلى الحاضر. "ما الذي يشغلك يا أم العيال ؟"
رفِعت رأسها، ونظرت إليّ بابتسامة ممتزجة بالأمل والحذر: "أفكر في كل تلك الوعود الحكومية، وكيف أن تنفيذها سيكون مفتاحًا لحياة جديدة. ربما سينعكس الوفر على خزينة الدولة، وتزداد الرواتب، ونعيش أيامًا أفضل."
نظرتُ إليها برهة ثم قلت لها: اذاً فلنراقب عن كثب ونجعل الأمل والتفاؤل هما البهارات الأساسية في طبق المستقبل.

ܓܛܟ

20/06/2024

“استئناس : أم العيال ومغامرتها في السياسة"

في مفاجأة غير متوقعة، أكشف لكم أن أم العيال كانت من بين المتقدمين للترشح إلى عضوية مجلس الشعب.
إلى هنا يبدو الأمر عاديا ، أليس كذلك؟
في البداية، كانت الأمور تسير بشكل طبيعي حتى ظهر الشرط الغريب: ضرورة موافقة الزوج!

ذهبت للاستفسار من اللجنة، وفوجئت عندما سلّموني استمارة ضخمة أشبه ما تكون بـــ "الاختبار المؤتمت"، مكونة من حوالي 100 سؤال حول تفاصيل حياتنا الزوجية. كانت الأسئلة تتحدث عن طبيعة حياتنا اليومية، تعامل أم العيال معي، مع الأطفال، مع الجيران، حتى اهتماماتها الشخصية وتقلباتها المزاجية.

لحظة، هل هذا اختبار أم حوار مع روبوت؟

ابتسم رئيس اللجنة بطريقة توحي بفهم كل شيء، وأوضح لي: "هذا يسمى ‘استئناس رأي الزوج’. فالمرأة التي لا نفع فيها لزوجها وأسرتها، لا نفع فيها للغير."

شعرت أنها مهمة وطنية، فملأت الاستمارة بكل أمانة وشفافية. ولكن، النتائج كانت مفاجئة: أم العيال لم تُقبل!

في اليوم التالي، شعرت أم العيال بالإهانة، فأخذت تحفزني على الهجرة.
وأنا أدافع عبثاً عن حب الوطن بموقف ضعيف وعدم كفاية للأدلة.
جاءني منها الانتقاد المتوقع: "منذ تزوجتك، وأنا أعرف أنك تنام على الضيم!" فرددت عليها بتهكم: "بالفعل، منذ تزوجتك وأنا كذلك!"

ثم جاءت الليلة الفاصلة.
في ظل موجة حر قاسية، رفعت أم العيال يديها إلى السماء، تدعو الله أن يتيه أولادها في الأرض بحثاً عن أرض بلا وطن، لكن فيها قليل من الكرامة والحياة الأساسية من ماء وكهرباء ومشتقات نفطية.

بروح المزاح، قلت لها: "يكفيني كرامة أنني في وطني، أحصل على رغيف خبز من فرن الوحدة، ورشفة ماء من حوض الفرات."

وفي اليوم التالي، مع أول نسمة هواء باردة، سمعتها تناجي الله بغفران ما سألته بالأمس.

هكذا تستمر الحياة في رحلتها الساخرة، بين التحديات والمواقف الطريفة، وتستمر أم العيال في محاولاتها نحو الهجرة، وأنا أبقى الزوج المخلص، أحاول جاهداً إتقان دوري الوطني الحساس.

ܓܛܟ

01/05/2024


في تسعينيات القرن الماضي أنهى العم أبو بري " رحمه الله " خدمته الوظيفية في بلدية قريته .. أُحيل الى التقاعد بحكم السن ، كان بإخلاص يغوص في العمل إلى ركبتيه ، أعمال صيانة ، إصلاح ، حفر ، ردم ..وكنت أنا وقتها أدرس الصحافة في جامعة دمشق عام 1992 ، و" حامل القلم بالعرض ".
كان كلما رآني العم أبو بري يخاطبني :
" اكتبها في الصحافة أستاذ ، محاسب البلدية أكل عليّ علبة سمنة و جزمة "..!!
أضحك من كل قلبي متسائلا :
يا أبو بري ، السمنة وفهمناها ، الجزمة كيف أكلها .؟؟
وأنا أعلم صدق كلامه ، وأن محاسب البلدية أكل عليه ربما أكثر من الجزمة ، والكثير من المستحقات ..
اليوم ..الطبقة العاملة تُستنزف في كل مواردها وامتيازاتها التي كنا نعتبرها في وقت مضى مكتسبات يحسد عليها العامل ، وكانت حالة الموظف مضرب المثل في عقود خلت ، لتتراجع تلك الحالة حتى أصبحت مضرب عصا تُعلِّم في جنبات العامل أينما استدار .
ومنذ أن وعت أذني وبدأت أتابع شؤون العمال وخاصة المؤتمرات النقابية والمهرجانات العمالية والاحتفالات بأعياد العمال وأيام العمل التطوعية وأراقب الخطابات ، لم يخرج العمال من تلك الموالد ولو بحبة حمص إلا " بالتصفيق " .
ومنذ ذلك الحين وهم يمنحون العامل كامل مستحقاته من الوعود والشعارات والتصفيق دون أية مكاسب ملموسة تذكر ، فالعامل كالآلة ، ليس إلا أداة لجني الأرباح ، يدفع أكثر مما يتسلم ، حتى في معاشه الشهري مغبون ، لا يوازي قيمة أسبوع من عمله ، وفوق ذلك تكاد ضريبة الدخل أن تقصم ظهره ، بالاضافة الى تسقيف الراتب عند عتبة محددة للتوقف عن ترفيع العامل ..!!
الحديث يقودنا للتساؤل :
ماذا قدمت النقابات العمالية على مدى عقود لعمالها ..؟؟ هل كانت نصيراً حقيقياً لهم في مختلف قضاياهم ..؟؟ أم مجرد أنها تخُط سطوراً في محاضر جلسات تبقى حبراً على ورق ليطويها النسيان في غياهب الأدراج..؟؟
أم تحولت مهامهم النقابية إلى إقامة المحاضرات والمعارض التشكيلية ، والمسرح ، والندوات ، والأمسيات والحوارات والأنشطة" اللاعمالية " ، ومن يطّلع على تقارير المؤتمرات النقابية السنوية يدرك ما أقول ، وحتى اليوم لم نستطع انتزاع حقوق عمالنا سواء في القطاع العام أو الخاص كما يجب ، ففي الخاص العامل يقضي أكثر من 12 ساعة عمل يقف على قدميه كالآلة ، لم يحظ حتى تاريخه ولو بالتأمين على معاش الشيخوخة ، أو تعويض نهاية الخدمة ، ويخرج غالباً " كصبي الحمام " .
منذ عقود طُرح قانون تثبيت العمال المؤقتين ، وتمت الموافقة عليه ، ثم نام في الأدراج ، لا نعرف الأسباب المانعة من صدوره ،رغم أن هذا المطلب تقليد سنوي وإرث عمالي ، وتحقق لمرات عدة ، و رغم تكرار المطلب في كل عام ، لم تتوفر الإرادة الكافية في تجاوز هذه الاسطوانة من خلال العمل على تعديل قانون العاملين الأساسي بحيث يجيز تثبيت العامل بعد مضي عامين أو أكثر دون انقطاع في عمل دائم..
ما الضرر في تأمين معيشة العامل ، أن يشعر بأمان الشيخوخة ولو بمعاش تقاعدي يسد قليلا من الرمق ، أن يتخلص من سيف الفصل أو التسريح التعسفي ، أن يأخذ حقوقه في الترفيعات والإجازات السنوية والتعويضات ..
في الخطابات العامل أخذ كل المكاسب ، لكن الواقع غير ذلك ، حتى أنظمة العمل بمسمياتها المختلفة نجد أنها تهضم حقوق العمال " مياومة ، فاتورة ، بونات ، عقود موسمية ، عقود عرضية ...وكلها تنتهي بالتخلي عن العامل " ربي كما خلقتني " ، بلا تعويضات، أو تأمينات ، أو " الله يعطيك العافية " .
دعونا نتذكر معاً سنوات الحرب ، وكيف كانت الطبقة العاملة الذراع الأقوى التي أمسكت بدعائم مؤسسات الدولة ومنعتها من السقوط ، مع العلم أن العامل كان دائما في فم الخطر بذهابه وإيابه.
أعرف أن أكثر الذين يعنيهم هذا الكلام بشكل مباشر لا يجدون الوقت الكافي ليقرأون ، ولا يتابعون ، وبالتالي ، فإن قلة منهم ستقرأ هذه السطور ، ولا يحدث ذلك بسبب الأمية كما يمكن أن يتبادر للذهن ، قلة في بلادنا لا يعرفون القراءة والكتابة ، وإنما يحدث لأنهم لا يجدون كما قلنا ما يكفي من الوقت لإشغال أنفسهم في تلك " الأمنيات ".

ܓܛܟ

 لا وقت للتفكير.. أرجوكم أن تساعدوني في استخراج العبر  من هذا الموقف الذي حصل لي اليوم :« دفعتني غريزة الخوف لأن أقفز أك...
22/04/2024


لا وقت للتفكير..
أرجوكم أن تساعدوني في استخراج العبر من هذا الموقف الذي حصل لي اليوم :

« دفعتني غريزة الخوف لأن أقفز أكثر من مترين إلى جانب الطريق، لأفسح مجالا يتسع لمرور مركبة بحجم الزمور المذهل الذي دوّى خلفي.
لا أَقَلَ من سيارة سوداء " مفيمة " تطاردني، هكذا خُيِّل إلي.
ردة فعل فطرية، صدرت مني بلا وعي، أو حتى إدراك لأن ألتفت الى الوراء، خشيت أن تسحقني بجبروتها.!
إنها غريزة الخوف المتراكمة في أنفسنا.
احبسوا انفاسكم الى هول المفاجأة..!
عندما تخطاني مصدر الزمور، أدهشتني الحقيقة أنه لم يكن سوى دراجة هوائية يتحكم بها يافع...!! استطاعت ببساطة أن تغير مساري.!
هل تصدقون..؟ .»
ܓܛܟ

Address

Aleppo

Telephone

+963937385382

Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when فرقعات صحفية posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Business

Send a message to فرقعات صحفية:

Share