01/07/2025
الحوثيون والحرب على القرآن الكريم: حين يتحول شعار "المسيرة القرآنية" إلى سلاح ضد مراكز تحفيظ القرآن
في الوقت الذي يرفع فيه الحوثيون شعار "المسيرة القرآنية"، يبدو الواقع عكس ذلك تمامًا، إذ تُعدّ مراكز تحفيظ القرآن الكريم والسنة النبوية الهدف الأول والأكثر استهدافًا في حملاتهم العسكرية والفكرية على حد سواء. فالحرب على هذه المراكز لم تكن عرضا جانبيا، بل خطوة مدروسة ومقصودة، تكشف جوهر المشروع الحوثي القائم على طمس الهوية السنية، ومحاربة التعليم الديني المعتدل في اليمن.
الطلقة الأولى: من دماج بدأت المؤامرة
حين انطلقت أول حملة عسكرية للحوثيين في عام 2011، لم تكن نحو معسكر أو موقع أمني أو حتى منشأة حكومية، بل كانت باتجاه مركز "دار الحديث" في دماج – صعدة، أحد أهم معاقل التعليم الشرعي في اليمن والعالم الإسلامي. تم حصار المركز وتجويع طلابه وقتل شيوخه وتفجيره بالكامل، في خطوة صادمة كشفت عن النوايا الحقيقية للجماعة: استئصال الهوية السنية.
من دماج إلى كل اليمن: مسلسل التفجير والإغلاق
لم تكن دماج سوى البداية، فسرعان ما تكرر السيناريو في مناطق عديدة:
- تفجير مركز تحفيظ في بيت مران – أرحب.
- الهجوم على جامعة الإيمان، كبرى الجامعات الإسلامية في الشرق الأوسط، ومصادرة ممتلكاتها وتحويلها إلى مقرات عسكرية.
- إغلاق وتفجير مراكز دينية في ذمار، الحديدة، تعز، إب، وغيرها.
حتى اليوم، تشير التقديرات إلى أن مليشيا الحوثي فحرت وأغلقت ما يزيد عن 94% من مراكز تحفيظ القرآن والسنة في اليمن، وأغلب المشايخ والدعاة الذين كانوا يديرون هذه المؤسسات إما في السجون أو خارج البلاد أو في حكم المختفين قسرا.
من يخدم الحوثي في حربه على القرآن؟
السؤال الجوهري هنا: من المستفيد من تجريف هذا الإرث الإسلامي العظيم في اليمن؟ ولماذا تُحارب مراكز تخرّج حافظي كتاب الله؟
الجواب يكمن في الأجندة التي يخدمها الحوثي: تفريغ الساحة من أي صوت سني معتدل، وإحلال المشروع الطائفي المستورد من إيران بديلاً عنه.
إن المشروع الحوثي لا يسعى لتطبيق الإسلام، بل لتشويه الإسلام وتسييسه لخدمة فئة ومرجعية وطائفة، تحت شعارات دينية ظاهرها "القرآن"، وباطنها عداء شرس لكل ما يمت لكتاب الله وسنة نبيه بصلة.
الشعارات لا تعني شيئا أمام الوقائع
يطلق الحوثي على نفسه "أنصار الله"، ويتحدث عن "المسيرة القرآنية"، لكنه في الميدان يحرق المصاحف، ويفجر المساجد، ويغلق المراكز الشرعية. فهل هذا هو القرآن الذي يدّعون المسير في نوره؟!
ختاما:
نحن أمام عدو يتقن التمويه بالشعارات، لكنه في جوهره يحارب كل ما يمت إلى النور بصلة. لم تكن معركته مع السلاح فقط، بل مع الفكر، والعقيدة، والهوية. الحوثي لا يخشى البنادق بقدر ما يخشى عالما يحفظ كتاب الله، وطالبًا يتعلم السنة، ومجتمعا متماسكا على منهج واضح.
فحربه على مراكز تحفيظ القرآن هي المعركة الحقيقية التي تكشف وجهه بلا رتوش. وإن أراد العالم إنقاذ اليمن من براثن الطائفية، فعليه أن يبدأ من إحياء العلم ودعم مراكز التحفيظ ورفع الصوت ضد هذا المشروع الظلامي الذي لم يُبقِ للقرآن مكانا إلا في شعاراته الجوفاء.
#الجفري