
21/06/2025
ثمره المعروف"
في أحد أحياء القرية البسيطة، كان هناك رجل كبير في السن اسمه "العم صالح"، معروف بطيبة قلبه ويده الممدودة لكل محتاج. في أحد الأيام، وبينما كان العم صالح يمشي في السوق، لمح طفلاً صغيراً يجلس على الرصيف يبكي بصمت، كان وجهه شاحباً وثيابه ممزقة، واسمه "سليم".
اقترب منه العم صالح وسأله بلطف:
ـ ما بك يا بني؟
رد الطفل وهو يمسح دموعه:
ـ أمي مريضة، ولا نملك ثمن الدواء، ولا حتى رغيف خبز.
نظر العم صالح في عينيه، فلم يرَ مجرد طفل، بل رأى مستقبلاً ينتظر أن تُفتح له أبواب الأمل. لم يتردد، أخرج ما في جيبه وأعطاه إياه، ثم أخذه واشترى له طعاماً ودواءً لأمه. وقال له قبل أن يودعه:
ـ لا تخف يا سليم، الدنيا تدور، ويكفي أنك تملك قلباً نقياً، وربك لن ينساك.
مرت السنوات، كبر سليم، وكان ذلك الموقف محفوراً في ذاكرته. شق طريقه في الحياة بجد، وفتح مشروعاً صغيراً كبر شيئاً فشيئاً، حتى أصبح من أكبر رجال الأعمال في المنطقة. لكن رغم انشغاله، لم ينسَ نظرة الحنان في عيني العم صالح، ولا ذلك اليوم الذي أنقذه فيه من الضياع.
بدأ يبحث عنه في كل مكان، حتى وجده أخيراً في بيت متواضع متهالك. ركع أمامه وقبّل يده باكياً وقال:
ـ كنت سبب نجاتي يا عم صالح، واليوم جاء دوري لأرد لك المعروف.
اشترى له بيتاً جديداً، وعيّن له راتباً شهرياً دائماً، وأكرمه إكراماً فوق ما يتخيله بشر. ثم قال في حفل صغير جمع فيه أهل القرية:
ـ هذا الرجل علّمني أن الخير لا يُنسى، وأن المعروف لا يضيع، ولو بعد حين.
ومنذ ذلك اليوم، صار الناس يتسابقون لفعل الخير، وكلما تذكروا قصة سليم والعم صالح، أدركوا أن أبسط يد عون قد تغيّر حياة كاملة.
---
العبرة:
افعل الخير ولا تنتظر شيئاً، فربما تكون يدك اليوم مفتوحة لعطاء صغير، لكنها تفتح أبواباً كبيرة في الغد لشخص يحتاجك... ولعل هذا الشخص، إذا اشتد عوده، يعيد الجميل أضعافاً، دون أن تطلب.