
11/07/2025
✍️ نيالا.. واجهة السودان الجديد؟
في ظل الانهيارات الأمنية والسياسية التي عصفت بكثير من مدن السودان، تبرز مدينة نيالا، عاصمة جنوب دارفور، كمرشحة بارزة لتكون واجهة السودان الجديد، ليس من باب الأمن فقط، بل كمثال ملهم لإمكانية البناء من بين الركام.
بينما تعيش بعض المدن الكبرى حالة من الفوضى والانقسام، استطاعت نيالا أن تلتقط أنفاسها، وتعيد تشكيل نفسها كمركز للحياة والاستقرار. هذا التحول لم يكن صدفة، بل نتيجة لتكاتف المجتمع، وتنامي الوعي الشعبي، وتضحيات جسيمة قدمها أبناء المدينة في سبيل السلام الداخلي.
لكن السؤال الأهم:
هل تمتلك نيالا مقومات التحول لواجهة وطنية جديدة؟
الجواب، بنعم كبيرة، إذا ما نظرنا إلى:
موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط غرب السودان بوسطه وشرقه، ويمنحها فرصة أن تكون مركزاً لوجستياً وتجارياً هاماً في السودان وأفريقيا.
النسيج الاجتماعي المتماسك رغم التنوع القبلي والعرقي، ما يجعلها نموذجاً للتماسك الأهلي، وقاعدة للاستقرار.
قدرتها على الصمود في ظل حرب مستعرة، ونجاحها في تجاوز العديد من التحديات الأمنية والتنموية.
الأهم من ذلك، أن نيالا تمثل نقطة تحوّل فكرية في مفهوم المركز والهامش. فقد ظلت لعقود طويلة تعاني من التهميش، لكنها اليوم تمسك بزمام المبادرة، وتطرح نفسها كبديل حقيقي لمركزية الخرطوم القديمة، التي فشلت في احتواء كل السودان بعدالة.
ولكن... الطريق ليس معبداً بالورود.
نيالا تحتاج إلى:
مشاريع تنموية حقيقية تعيد بناء بنيتها التحتية المدمرة.
دعم سياسي وشعبي وطني يقتنع بأن التنمية لا تعني الخرطوم فقط.
تحالفات مدنية متينة لحماية المكاسب ومنع أي ارتداد إلى الوراء.
إننا أمام فرصة نادرة يعيد فيها الهامش تعريف السودان من جديد.
نيالا ليست مجرد مدينة، بل مشروع وطني مفتوح،
إذا تم الاستثمار فيه بعقل وقلب، فقد لا تكون فقط واجهة السودان الجديد، بل قلبه النابض ومركز
إشعاعه.