20/09/2025
"دامر المجذوب..
المدينة التي تُهدهد الروح كما تفعل الأم مع وليدها"
🖊عمرو ف*ج الله
في قلب السودان، حيث تلتقي النيلان في همسٍ يشبه الصلاة، هناك مدينةٌ تتهادى على ضفاف التاريخ، اسمها دامر المجذوب. مدينةٌ لو قُدّر للكلمات أن تُقبّل وجوه البشر لفعلت بأهلها؛ فهم اللطف وقد لبس هيئته، والوداعة وقد اتخذت أسماءً وألقابًا، والبساطة وهي تمشي على قدمين.
دامر المجذوب ليست مجرّد أرضٍ منبسطة تفرش خُضرتها على الرمال؛ بل هي بيتٌ كبيرٌ مفتوح، كلّ بابٍ فيه هو ابتسامة، وكلّ دربٍ فيه هو ذراعٌ ممدودة للعابرين. في سوقها القديم تسمع وقع الخطى كأنّه تراتيل، وفي وجوه رجالها ونسائها ترى ذلك الصفاء الذي لم تعكره صخب المدن ولا غبار السياسة.
المدينة تبدو كأنها خارجة من دعاء جدٍّ صالح، وكأنّها نسمة نهرٍ تغسل التعب عن كتفيك. هنا، لا تحتاج أن تُقدّم نفسك، يكفي أن تكون إنسانًا، وسيحملك أهلها على أهداب قلوبهم. يحيّونك قبل أن تنطق، ويضحكون معك قبل أن تبتسم، ويُقسمون لك من حبّهم حتى يخجل الحرف أن يصفه.
دامر المجذوب ليست جغرافيا فقط؛ إنّها معنى. معنى أن تلتقي الطيبة بالنقاء، وأن يصير الودّ ملامحًا، وأن يتكسّر الضوء على وجوهٍ لم تعرف غير الصفح. في عيونهم شيء من النيل حين يهدأ، وفي كلامهم موسيقى بلا أوتار، وفي مجالسهم دفء يشبه العودة إلى حضن الوطن بعد غيابٍ طويل.
إن زرتها مرّةً، ستعلّق قلبك هناك؛ بين اشجارها السامقة ومآذنها التي تهمس بالسلام. ستكتشف أنّ المدن ليست حجارةً وأسواقًا فحسب، بل أرواحٌ تحرسها الدعوات، وأن دامر المجذوب واحدةٌ من تلك الأرواح التي تُذكّرك أن السودان، مهما أثقلته الجراح، لا يزال قادرًا على إنجاب الجمال والناس الحلوين.
#ملحوظة
البيت العلي شمال الصورة الناصية بيت الفنانة حنان النيل
والبيت علي يمين الصورة مجاوره مباشر منزل البروف عبد الله الطيب.
زي ما قال الصديق عاطف شمبات بيوت من حنين.