19/09/2025
إنَّ كتاب «التنبيه في الفقه الشافعي» من أهم مختصرات الشافعية وأنفسها وأجودها وأيسرها، قال الإمام النووي: إن «التنبيه» من الكتب المشهورات النافعات المباركات المنتشرات الشائعات؛ لأنه كتاب نفيس حفيل، صنفه إمام معتمد جليل، فينبغي لمن يريد نصح الطالبين وهداية المسترشدين والمساعدة على الخيرات والمسارعة إلى المكرمات أن يعتني بتقريبه وتحريره وتهذيبه.
وقد اعتنى الإمام ابن الملقن بكتاب «التنبيه» عناية بالغة، فصنف عليه عدة مصنفات، منها كتابنا هذا «هادي النبيه» وهو الشرح الصغير له عليه، فإنَّ له شرحًا كبيرًا عليه في أربعة مجلدات، وقفنا عليه يسر اللّه تمام تحقيقه.
وقد منَّ اللّه الكريم علينا بتحقيق «هادي النبيه» ليطبع لأول مرة، على أربع نسخ خطِّية نفيسة، وهو أفضل شرح عليه يبدأ به الدارس، فابن الملقن يتميز فيه وفي مصنفاته عامة بحسن الجمع والترتيب، وسعة الاطلاع، وجمال الصياغة، وقد اشتمل شرحه على مهمَّات الشُّروح والمصنَّفات على التنبيه وفوائدها وفرائدها ونفائسها مع زيادات عليه كثيرة مهمة، وقد قال عنه مصنفه في إجازة له: «شرح لطيف في جزأين بديع لم يوضع على التنبيه مثله في اختصاره وجمعه».
ومن جميل ما جاء في ترجمة ابن الملقن رحمه اللّه: ما قاله قاضي صفد عنه في «طبقات الشافعية» حيث قال بعد ذكر مصنفاته الكثيرة الشهيرة: «فيا للّه العجب من هذا الإمام، وما مُنح به من هذه المصنَّفات العِظام، وبالجملة فحاله موهبة من اللّه عز وجل في الفراغ لهذه المصنفات وإتمامها، واشتهارها في حياته، والانتفاع بها مع وجود أشياخه وأعلام أئمة عصره».
فانظر إلى القلوب إذا كانت صافية خالصة فإنها تقطر شهدًا، فابن الملقن وقاضي صفد متعاصران من طبقة واحدة، ومع هذا يشهد له بمثل ما قرأت، بل ويبرز ما لم يبرزه غيره في ترجمته.
والعلم والتصنيف والتحقيق والنشر وبركتها وانتشارها وما شابه ذلك هي أرزاق من الرزاق، يعطيها ويمنعها من يشاء متى شاء، واللّه نسأل أن يتقبل أعمالنا، وأن يطهر قلوبنا لإخواننا، اللهم آمين.