24/11/2025
🔴 عامودى في سفر التاريخ المعاصر ح (6) , طرائف عامودية وأحداث هامة دخلت التاريخ
بقلم المؤرخ : برادوست ميتاني
⬅️- طرائف عامودية
لقد تعلقت صفة طرفية بأهلنا الكرد في عامودا الا وهي أنه يُدّعى إن أهلها عندما يسيرون في الشارع يتركون الرصيف ولا يسيرون إلا في منتصف الطريق، فيجعلون في هذا لهم صفة سلبية ولكنني لسؤالي عن ذلك بحكم زمالتي وصداقي لبعض من مثقفي عامودا حصلت على التفسير التالي: يتخلون عن المشي على الرصيف ويسيرون على الطريق ابتعاداً عن النوافذ احتراماً لخصوصية الأهالي الاجتماعية للأسرية داخل بيوتها أي لكي لا يسمعونهم أو يرونهم ,فتلك صفة إيجابية. في هذا إشارة على أنه ربما من عادة أهلنا في عامودا أن يبنوا غرفهم بنوافذها من جهة الشارع.
كما أن بين الأهل عادة متجذرة لليوم وهي مشادات كلامية مرحة على من يكون أشيتي أو غربي ولها قصص وتجارب فكاهية على الطرفين,أن لم تتحول أحياناً إلى مشادات كلامية تثير الانزعاج أو الغضب بينهما.
⬅️ دينين عامودى (مجانين عامودا)
من الخطأ أن نسميهم بالمجانين بمعنى الكلمة وذلك بسبب تملكهم روح دعابة ولكثرة مواقفهم الطريفة كما أن العديد منهم لا يملكون صفة الأذية للأخرين بل ما يتصفون به من حالة فلسفية لا تشذ من الحكمة وكذلك الكلام المعسول. الكثير منهم لم يجلبها معهم من الأرحام بل لمرورهم بمواقف نفسية شديدة لم يتحملوها .منهم من دخلوا في تلك الحالة أثر مرض مثلما حدث مع إسماعيل أو حادث أو لوضع عاطفي غير موفق أو كثير التفكير والدراسة والضرب في المدرسة مثلما حدث مع أبو بابل أو الابداع في حياتهم مثلما حدث مع هوار
, ولا ننسى بأن العديد مثل هؤلاء قد اصابوا بها في أماكن أخرى من مجتمعنا الكردي لشدة تعذيبهم في السجون و المراكز الأمنية للنظام البعثي المقبور نتيجة الضرب على الرأس أو في التعذيب في الدواليب وغيرها.
نذكر منهم:
إسماعيلى دين"ذو المواقف والقصص العديدة الطريفة التي جرت بينه وبين الأهالي أما خلفو الذي كان يتشبَّه بشخصية "طرزان في الأدغال ويقلده في الصياح ويقفز من فوق أسطح المنازل على الأرض فيكسر عظامه لمرات عديدة، لدرجة أن عليكي" المجبر كان يهدِّد أمه بأنه لن يجبِّر كسور ابنها بعد اليوم وكذلك هوار العاقل الحكيم الذي كان مهووساً بأن يصبح ضابطاً ومنجولي، عزو، رمو، حيدر، اسماعيل، دكو، شربلو، آزاد مجدو الرسام المبدع والزعيم أبو بابل المتفوق دراسياً بين أقرانه(26)
⬅️ -أحداث هامة:
مرت عامودا رنكين في تاريخها المعاصر بأحداث مؤلمة كانت أليمة ومفجعة بالنسبة للشعب الكردي خاصة وشعوب المنطقة عامة ولكن بعض منها بالرغم من ذلك كانت عناوين الشموخ والشجاعة والوطنية .منها:
مواقف منطقة عامودا البطولية ضد الاستعمار الفرنسي
ملحمتان بطوليتان لعامودا1926م و طوشا عامودى1937م
تشتهر مدينة عامودا بهذه المقاومة التي أصبحت بها صفحات التاريخ ناصعة وبها عرفت باسم عامودا بافى محمد.
أهتم الفرنسيون بعامودا كونها متاخمة للحدود التركية ولها دور اقتصادي كبير خاصة الزارعة ولكثافتها السكانية , وكما أسلفنا عن بنائهم مخفراً شريطة أن يكون عناصره محليين , ولكن الفرنسيين لم يلتزموا بتعهداتهم مع الأهالي , فأنشئوا ثكنة عسكرية صغيرة في المدينة من الجنود الفرنسيين "الكارد موبيل" (الحرس الجوال) فقاموا بتصرفات منافية للعادات والتقاليد الاجتماعية للمدينة , ويوجهون الشتائم للأهالي الذين ضاقوا بهم ذرعاً , فهاجموا الثكنة بالحجارة والعصي وبعض البنادق القديمة , فتمكنوا من طرد عناصرها الذين انسحبوا إلى مدينة القامشلي , ولكن كخطة مموهة لتهدئة الأحوال والانتقام.
⬅️ مقاومة منطقة عامودا 1926م
في عام /1926/ شكلت القيادات الفرنسية جيشاً من بعض العشائر المجاورة , بقيادة مشعل الفارس الشمري تقدمهم قرابة /300/ حرس فرنسي "هاجانا", ولكنهم فوجئوا بمقاومة عنيفة بقيادة المجاهد التاريخي سعيد آغا الدقوري زعيم عشائر "الدقورية" الذي كان من أعضاء الكتلة الوطنية وممثلها في الجزيرة وعلى اتصال دائم وتنسيق مستمر مع دمشق , أمثال المجاهد شكري قوتلي وجميل مردم وسعد الله جابري و فخري البارودي و البطل إبراهيم هنانو , وبالتنسيق مع العشائر و الوطنين في عامودا وما حولها أمثال عشائر الكيكية الكردية بقيادة المجاهد عيسى رستم المعروف باسم عيسى القطنة وعشائر الملية بقيادة المجاهد حسين أسعد , وكان اتصال المناضل سعيد آغا الدقوري قوياً مع الحركة الوطنية بزيارته إلى دمشق, بالرغم من صعوبة السفر آنئذٍ بسب بعد المسافة وقلة الوسائط وكثرة عيون الفرنسيين ( الجواسيس والعملاء) , فكان يتلقى الدعم والمشورة ويتوج ذلك بالتفاف الأهالي حوله بفضل الروح الوطنية القوية لدى الجميع, فتمكنوا من مجابهة الجيش الفرنسي الزاحف من قامشلو , والذي كان قد وصل إلى مشارف عامودا , وفي مكان بين قرى "تل حبش" و"چولي"و"ذو الفقار" دارت رحى معركة شديدة قبيل الفجر , حقق فيها المناضلون نصراً ساحقاً , بإلحاق الهزيمة بالدخلاء , بعد أن قدموا /12/ شهيداً من عشيرة "الدقورية" و/12/ من أهالي عامودا بينهم عبدي حاج يونس وعلي حاج قاسم و شيخموس سعد و شيخو محمد الهتو وسليمان العيشو و رمي حسو محمد ,و لما كان المناضل سعيد الدقوري يدرك غاية فرنسا بالتفرقة بين السكان من كرد وعرب وغيرهم للقضاء على الوحدة الوطنية في البلاد , فقد عقد صلات قوية مع أخوته العرب الذين لبوا دعوته وقد كان العربي يستشهد إلى جانب الكردي في ثورة عامودا ضد المحتلين.
أثناء القتال أراد قائد الثورة السيد سعيد آغا الدقوري إبعاد أذى الفرنسيين عن الأهالي لذا نقل مركز العمليات إلى خارج المدينة حيث تل عامودا الواقع 3 كم شمالها , وبعد مواصلة الدفاع بصورة حثيثة فلم يتمكن الثوار من مجابهة الآلة العسكرية الفرنسية المدعومة بأعتى العتاد . أنتقل المناضل سعيد الدقوري مع أقربائه إلى تركيا عام /1927/ فمكثوا فيها لأربع سنوات وكان خلالها يقود معركة استنزاف مع الفرنسيين على قبالة الطرف الثاني من الحدود , فخلق لفرنسا توتراً شديداً لذا طلبت من تركيا أبعاد المجاهد الدقوري , فلبت تركيا ذلك فأبعدته لمسافة 100 كم إلى "آمد" ( ديار بكر ) على نهر دجلة , وبالرغم من ذلك ظل تأثيره على أبناء عامودا قوياً مما أدى إلى اضطرار فرنسا بالتفاهم معه , فأرسلت إليه مندوبين عنها للتفاوض معه وإقناعه بالعودة مقابل إعادة جميع سلطاته السابقة إليه في المدينة , فأصدرت فرنسا عفواً عنه وعن أخوته و أقاربه , فعاد عام /1931/ إلى مدينته , وكانت غاية فرنسا في ذلك إقناعه بفصل الجزيرة السورية عن الوطن الأم ,بإيجاد شبه دويلة ,وبالتعاون مع حلفائه (بعض المسيحيين) ولتحقيق هذه الغاية كانت تركيا ترسل المسيحيين من أراضيها إلى الجزيرة السورية تلبية لطلب فرنسا , وتحقيقاً لهدفها أرسلت فرنسا ضابطين فرنسيين إلى منزل المجاهد الدقوري , لإقناعه بإنشاء دويلة ,ولكنه رفض قائلاً : أنني رجل سوري ووطني هو سورية(27) ,فكان رد الضابطين هو أن سعيد رجل شقي وسوف يرى في الأيام المقبلة ما لا يرضيه .
والبطل سعيد آغا الدقوري1922-1942 –طوشا عامودى ملحمة عامودا 1937م
وكان المجاهد سعيد يعزز موقفه الوطني ضد المخططات الفرنسية بتجزئة سورية بزيارته عام /1936/ فيكون على صلة دائمة مع الكتلة الوطنية , وسافر للغاية نفسها مرة أخرى عام /1937/ برفقة الحاج شيخموس يونس حسو وسليمان حاج سعدون لشراء سيارة جديدة من نوع فورد موديل عام 1937 , وأثناء عودتهم أخذوا قسطاً من الراحة في دير الزور , إلا أن الأهالي في المدينة أعلموهم نبأ غليان عامودا ضد الفرنسيين , والتي أدت إلى قيام ثورة عارمة تعرف في التاريخ لدى الشعب الكردي باسم "طوشا عامودي" عام 1937
أشعل شرارة الثورة شخص مسيحي ( وهذا مؤسف) وأسمه ملكوف ايلوسباخ بالاتفاق مع الاحتلال الفرنسي بإثارة فتنة دنيئة , وهي انه اتفق مع بعض مسيحيين آخرين على أن يذهب إلى حارات الأكراد , وعندئذ يقوم أولئك المسيحيين بإطلاق النار داخل الحارات الكردية , سيشاع خبر بأن المسيحيين قتلوا المسلمين , وهكذا سينفجر الوضع وتتدخل فرنسا لمعاقبة المدينة , وبالتالي القبض على زعيم الثورة , علماً أنه وأصدقائه لم يكونوا في المدينة إذ كانوا في طريقهم قادمين من دير الزور , بعد العودة من دمشق , لذا عندما سمعوا بالفتنة غيروا وجهتهم إلى طريق صحراوي نحو الخابور , من خلال معبر الدبس بمساندة بعض الأخوة من العشائر العربية , ثم الوصول إلى قرية الجوهرية 4 كم غرب عامودا , ثم التسلل إلى المدينة وقيادة الثورة التي انطلقت شرارتها في 28/7/1937 بعد الفتنة القذرة , وشملت المعارك شوارع المدينة بين الحي المدعوم بالقوات الفرنسية وعملائها والحي الوطني , باستخدام مختلف أساليب القتال كالقنص وقتال الشوارع والسلاح الأبيض , وبطولات مشرفة تمكن الثوار من تحرير المدينة . ويقال بأن المجاهد سعيد آغا الدقوري خلال نضاله وهو على ظهر فرسه المسمى "سيلوطي"(14 شريط غنائي للفنان الشعبي الراحل سلو كورو )قتل رامي مدفع بواسطة فرسه التي قفزت عليه وقتلته بحوافرها . وبعدها قتل ملكوف ايلوسباخ منتقماً لفتنته وذلك عند قرية حمدون قرب الحدود التركية. ولكن نشوة النصر أصيبت بغصة ألم في اليوم التالي عندما أستخدم الفرنسيون طيراناً مكثفاً ضد المدينة وما حولها من قرى الدقورية تل حبش وغيرها كتل خنزير , حيث بلغ عدد القتلى 32 شهيداً وكذلك قرية "قره قوب" وأستشهد مختارها المناضل محمود هدو , وقرية ديكتية . فكانت الخسائر كبيرة إذ أستشهد أكثر من /150/ شخص من المدن المجاورة لمدينة عامودا, ولكن الأخيرة كانت الأكثر ضرراً ,إذ تم تدمير المباني فأصبحت أنقاضاً , فأخليت من ذويها حتى قائد الثورة مع أفراد أسرته وأقربائه فروا إلى تركيا . ولكنه بفطنته السياسية أدرك بأن الأتراك سيسلمونه إلى الفرنسيين مقابل تسليم الفرنسيين المجاهد الكردي محمد جميل باشا للأتراك, لذلك غير رأيه فأختار الملك غازي في العراق للالتجاء إليه مع أهله بسيارتين في 5/8/1937م . قضى في العراق مدة خمس سنوات عانى فيها منها الفقر والعوز و الهوان ليعود إلى وطنه عام 1942م , بعد توسط العشائر الدقورية في كل من الجزيرة وحارة الأكراد في دمشق ومن معهم من آل شمدين في الكيكية (ركن الدين حالياً) . وبعد ذلك مارس نضالاً سياسياً , إذ مثل أهل الجزيرة في البرلمان عام 1943 وشاهد الأسقلال 1946 وبعد إحصاء 1962م جرد من أملاكه ,وقضى بقية حياته مواطناً عادياً مغبوناً مجحف الحق في قرية صغيرة قرب الحسكة حتى مماته .ومن الجدير بالذكر أنه والد البطل الشهيد "أحمدي أغي" شهيد سينما عامودا عام 1960م والذي تمكن من إنقاذ أكثر من 12 طفلاً كردياً بحمله طفلين كل مرة إنقاذهما من النافذة التي حطمها.
- الشيخ محمد بشير الحامدي من أهالي عامودا تعرض للاعتقال والإقامة الجبرية المطولة
و الشيخ إبراهيم قادري : نجل الشيخ طاهر شيخ عامودا
السياسي سعيد إسحاق:
ولد في قرية قلعة الأمراء التابعة لماردين , سكن مع أهله في عامودا وساهم مع أقرانه في تأسيس بلديتها , وانتخب رئيساً لها 1928 وأصبح فيما بعد نائباً عن الجزيرة في البرلمان السوري , ثم أميناً لسر البرلمان ,و ظل عضواً فيه لمدة خمس مرات , كما صار أمين سر الكتلة الوطنية لبعض الوقت , وفي عام 1951 أصبح النائب الأول للبرلمان , وبعد استقالة رئيس المجلس حل محله , وبذلك شغل منصب رئيس الجمهورية بالوكالة بعد استقالته في 1/12/1951 ولمدة قصيرة ساهم حينئذ في تجنب البلاد أزمة دستورية , عندما اقنع النواب بحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة
المجاهد شيخموس حسين
هو من قرية "بريڤا" التابعة لناحية عامودا , وقف مع بني جلدته ضد الفرنسيين في "طوشا عامودي" وجابه الفتنة الطائفية بصرامة , وعند قدوم موكب المستشار الفرنسي من قامشلو لمتابعة الأوضاع في المدينة بصحبة أربع ناقلات مدرعة قام المجاهد برفقة الوطنين سليمان عبدو و بشار حاج موسى و أحمد علو بإطلاق النار على سيارة المستشار و مرافقيه على بعد 8 كم من عامودا , ففر المرافقون وتم القبض على المستشار, ثم أخذوه إلى قرية "بريڤا" ولأسباب إنسانية تركوه يهيم على وجهه في المزارع بين القرى , وفي اليوم التالي جاء الفرنسيون لإلقاء القبض عليه عن طريق العملاء , فأودع السجن في قامشلو, وتلقى فيها صنوف العذاب ولمدة 43 يوم ثم نقل إلى سجن القلعة في دمشق ولمدة سنتين , ثم نقل إلى سجن دير الزور . بعد قدوم الانكليز المساندين للفيشين إلى سورية أطلقوا سراحه ليعود إلى قريته بعد نضال وطني مشرف ضد الفرنسيين و عملائهم أولئك الذين سلموه إلى الفرنسيين خلال فراره إلى العراق حيث المجاهد سعيد آغا الدقوري , وكان العملاء سبباً في اعتقاله لمرات عديدة كما أسلفنا سابقاً
والمناضل مجيد عبد القادر أبو سلو والسيد محمد الشلال أبو بهجت والذي كان شاهد عيان لثورة عامودا إذ قال أن والده ذاق أصناف التعذيب . كانت فرنسا تضع الوطنين في براميل تحت لهيب الشمس الحارقة التي كانت تشوي أجسادهم.
المجاهد عيسى عبد الكريم:
هو من قرية بكو على طريق عامودا شمال صفيا 10كم , كان من ضمن مؤسسي الكتلة الوطنية. التجأ إلى العراق عدة مرات وكان مقرباً من المجاهد سعيد آغا الدقوري , إذ كان يرافقه بسيارته بالتجوال في قرى عامودا وغيرها للالتقاء بالأهالي , اعتقل في الحسكة.
الشهداء ملا فخري سليمان , رشو أحمد وزوجته , حسن شندي من تل حبش في ناحية عامودا , علي حسن خوجة , شيخ نوري , خلف قركچي من قرية "قره قوب" بناحية عامودا , حج محمد مختار قرية "چولي" , عمرحجو من قرية تل خنزير وحاج عبدي شمدين وشهداء آخرون(28)
يتبع....
#فدنك #صدى #سوريا