
24/06/2025
كلمة راعي الأبرشيّة
المطران غريغوريوس
خلال صلاةٍ من أجل راحة نفوس الشهداء وشفاء الجرحى
الاثنين 23/6/2025
أصحاب السّيادة المطارنة الأجلاء ورؤساء الطوائف المسيحيّة، أيُّها الشعب المحبُّ المسيح، اخوتي وأحبَّائي وأخواتي.
في أحداثٍ أليمةٍ كهذهِ ينفطرُ لها القلبُ، تختلطُ المشاعر وتزعزع الأفكارُ ويتلعثم اللسان، يُحاول التعقّل جاهداً أن يلجُمَ الغضبَ ويضبطَ الحزن. ليُعمِلَ الروحُ القدُسُ فينا فنبقى على الرجاءِ ويبقى الرجاءُ فينا حاضراً والشجاعةُ ثابتة.
ما حدثَ هو إجرامٌ بحقِّ الإنسانيّةِ وليسَ بحقِّ طائفةٍ أو كيانٍ من مكونات هذا البلد.
لن أخوضَ فيما جرى ولن أتكلمَ إليكم إلا بنقطتين فقط:
أقولُ لكم ولكلِّ من يسمعنا: إنَّنا باقونَ على الرَّجاءِ، الرَّجاءُ بالذي أحبّنا وبذل نفسَهُ فديةً عنا. باقونَ على الرَّجاءِ والإيمانِ بأنَّ سوريّا الَّتي نحبُّها أكبر بكثير ممَّا حصل، نحنُ نؤمنُ أن سوريَّا قويَّة وعزيزة بأبنائِها مسلمين ومسيحيين.
نحنُ نخاف الله وحده وهو الَّذي بيدهِ نسمتُنا.
ونسأل هنا من هو المسؤول عمّا حدث؟ وأكثر من ذلك، من هو المسؤول عمّا يحدثُ في سوريا من انتهاكاتٍ وإهاناتٍ واستباحاتٍ لكرامةِ الإنسان وحريته؟
لن نقبلَ بإجاباتٍ معلّبة، ونطالبُ بشدّة ألَّا نختبئَ وراءَ أصابعنا وندخلَ إلى عمقِ وجذورِ المشكلة، لا إلى خطاباتٍ ومنشوراتٍ نتيجتها فقط التبرير والدفاع الأعمى، والتغطيةِ والتلميع والتمييع.
نطلبُ بشدّةٍ أن يتحمّل كل مسؤولٍ مسؤوليَتهُ كاملة.
نشكرُ جميعَ الَّذين قاموا بواجبِ التعزيةِ والتضامن، وبدوري أُعزي كلَّ سوريٍّ حرٍ أبيّ، لأن المَصاب هو مَصاب سوريا وليس مَصاب الكنيسة.
فماذا أقول لهذا؟ "إن كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَينَا" (رو8: 31) الَّذي لم يُشفق على ابنه بل بذَلَهُ لأجلنا أجمعين، كيف لا يَهبُنا أيضاً كلَّ شيء، مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ (رو ٨: ٣٥) ولكننا في هذه جميعها يَعظُم انتصارنا بالَّذي أحبَّنا، فإنّي متيقنٌ أنَّه لا موتَ ولا حياةَ ولا ملائكة ولا رؤساء ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة، لا علوَّ ولا عمقّ ولا خليقة أخرى، تقدرُ أن تفصلنا عن محبّةِ الله الَّتي في المسيح يسوع ربِّنا.
أُعزيكم وأُعزي نفسي بكم، نتعزى أيضاً بحضور إخوتي المطارنة والآباء الأجلاء ورؤساء الطوائف، وأيضاً بحضورِ الأحبّاء الَّذين قَدِموا لتعزيةِ كنيستنا وللتضامن مع حضورنا في هذا البلد الكريم الَّذي نسعى أن يكونَ في أبهى حلَّةٍ له، أيدينا ممدودةٍ دائماً لكلِّ أصحاب النيّات الصالحة والخيّرة، ونحن حاضرون وباقون كما قُلتُ في البدايةِ على رجاء من قال لنا: "لا تخافوا فأنا معكم إلى انقضاءِ الدَّهرِ".
آمين