
02/08/2025
القوّةُ السّرية للكروشيه
خيطٌ يمتدّ عبرَ الزّمن
كان الناسُ يظنّون أن الكروشيه مجردُ هوايةٍ هادئة،
حرفةٌ تمارسها الجدّاتُ بهدوءٍ على كراسٍ هزّازة،
لكنهم لم يعلموا أن في كلّ غرزةٍ، قصّةً خفية...
قصّةَ بقاء، ومقاومة، وصوتٍ لا يُكتم.
في مصر القديمة، عُثر على أنماطٍ تشبه الكروشيه داخل المقابر،
وكأنّ الخيطَ بدأَ منذ آلاف السنين، ولم يتوقّف.
في أيرلندا، خلال "مجاعة البطاطس"،
كانت النساءُ يحيكنَ بالإبرة كي يطعمْنَ أبناءهن،
كلُّ قطعةٍ تُباع، تعني وجبةً جديدة،
وكانت كلُّ غرزةٍ تصرخ: "لن نموت جوعًا!"
وفي الحرب العالمية الأولى،
تعلّم الجنودُ الكروشيه لتهدئةِ أوجاعهم النفسية،
كان الخيطُ بلسماً، والإبرةُ صديقًا في الخنادق.
بل استُخدم التمويه بالخيوط بدلًا من البنادق.
وفي ستينيات القرن الماضي،
صار الكروشيه احتجاجًا صامتًا،
تحيك النساء بطانياتٍ ملوّنة،
وفي كلّ غرزةٍ رسالة: "نحنُ هنا… نحنُ قويّات."
واليوم، يعود الكروشيه بلونٍ جديد،
في أيدي الشّباب، في العيادات، في ساحات الفنّ،
أداةُ علاجٍ وتعبيرٍ عن الذات،
وصوتُ هويةٍ لا يبهت.
ففي كلّ خيطٍ، حكاية،
وفي كلّ إبرة، نبضُ تاريخ.
#خيطٌ_يمتدّ_عبرَ_الزّمن