12/09/2025
🔳الدورة التكوينية الخاصة
[اسرار من الطاقة الحيوية والعلوم الروحانية]
▫️الجزء الثالث
مشهدان يبيّنان قوة عالم الجن
من بين الذين تحكّموا في هذا العالم من بني الإنسان برخصة إلهية: نجد سيدنا إدريس عليه السلام وكان لديه قوة عظيمة جداً واستخدم بعض هذه الكائنات في بعض المعمار والبناء لأنها كائنات قوية جداً، وكذلك النبي سليمان. لم يبيّن القرآن لنا عن حضارة إدريس، وإن كنت تلمّستها في إقامتي في مصر في علم المصريات وتتبّعي لهذه الآثار المصرية بوجود قوة غير بشرية استُخدمت في هذا المعمار مثل رفع الصخور العالية والتماثيل العالية جداً. وهذا المعمار العظيم وجدت تفسيره في القرآن الكريم من خلال وصف النبي سليمان، النبي سليمان تحكّم في الجن وتحكّم في الطير وتحكّم في الشياطين، الله أعطاه هذه الرخصة أن يحكم العوالم -وهذا سيفوقه المهدي عليه السلام- فتحكّم سيدنا سليمان بأمر الله وبرحمة من الله في الطير وتحكّم في الجن ﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾، وتحكّم كذلك في العوالم الشيطانية ﴿وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ﴾. هذان مشهدان يبيّنان لنا قوة هذا العالم.
1- أولاً مشهد يتعلق بالمعمار الذي تبنيه الجن ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ﴾، عندما تمضي إلى الأُقصر وترى تلك التماثيل العظيمة مستحيل بالمعمار البشري اليوم مهما بلغت التقنية أن تحمل صخرة حجمها يزن خمسين طناً وتنقلها وتضعها في ارتفاع، أو الهرم، مستحيل بقوة بشرية عادية مهما بلغوا. وهذا الوسم الغبي أنّ بني إسرائيل كانوا يوجدون بالسياط وبناه الفراعنة.. أصلاً قد بُني قبل أن يأتي النبي إبراهيم عليه السلام فإدريس سابق، ثم استعمله الذين لحقوا، لمّا لم يفهموا ما هو الهرم استعملوه كمقبرة تبرّكاً به وقلّدوا بعض معماره.
المهم أنّ سيدنا سليمان كانت الجن هذه الكائنات الضخمة القوية ماذا تبني له؟ تماثيل عالية جداً، تماثيل كبرى من أعلى ما يكون ومعمار كبير، ما الذي يرسم لنا حجم هذا المعمار؟ الله قدّم لنا قرينة قرآنية فقال سبحانه ﴿جِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ﴾ فالجَفنة هو ما يقدّم فيه الحساء، آنية صغيرة كالتي أتى بها عُزير وجُمّد فيها الطعام "طعامك لم يتسنّه". هذه الجفنة التي يُقدّم فيها الحساء كيف يرسمها القرآن الكريم؟ قال هذه الجفنة كالجابية بحجم جابية، إذا كانت الجفنة التي تُمسك في اليد بحجم الجابية وإذا كانت القِدر كالجبل الراسي ﴿قُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ﴾ ضخمة كأنها جبل، كيف يكون التمثال حينها؟ ولكن السؤال الثاني أنّ هذا بناء وظيفي، بمعنى: ما وظيفة جفنة كالجابية وقدرٍ راسٍ؟ سيُطبخ في القدر وتُستخدم تلك الجفنة في الأكل، إذاً ما حجم هذا الكائن الذي ستُمسك يده جفنة كالجابية ويطبخ في قدرٍ راسٍ!! لأنه فعل ذلك في عالم الجن وليس في عالم الإنس، لأنه كان يدخل بين العالمين.
وهنا من هذا سننطلق إلى ريتشارد بيرد والوثب العالي سنة 46، وشوابيا الجديدة لدى هتلر والدخول بالغواصات إلى عالم آخر من بوابة معيّنة في القطب الجنوبي، والجدار الجليدي، والثقوب في القطب الجنوبي، ومعاهدة 52 منع دخول ذلك المكان، والسفن وغير ذلك من الأمور، لا أريد الإبحار في هذا الباب ولكن هذا من تفاسيره، لأنّ هذه حضارة عظمى. وسيدنا سليمان كان يُقيم بين العالمَين لذلك لما سُخّرت له الريح وهي سفن الريح وليس بساط سحري لأنه لو كان بساط وارتفع به خمسة كيلومتر عن سطح الأرض لمات مختنقاً من انعدام الأوكسجين أو جُمّد من البرد، إنما هذا نوع من التسميات الترميزية التي رمَّز بها الله سبحانه وتعالى وسمّاها "أقطار السماوات والأرض"، وقال ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ﴾ أي أسلحة تُرسل شواظ من نار ونحاس أو طاقة ضوئية، وارجعوا للروس فيما ذكروا عن هذه الأمور فلا أريد الإطالة في هذا الباب. المهم أنّ هذا يرسم لنا ملامح قوة جبّارة لهذه الكائنات.
2- الصورة الثانية عندما أراد سيدنا سليمان -وهذا كان مجلس في غير العالم البشري- أن يسترشد عن خبر الهدهد، وهو نوع من الجن وليس هدهد حيواني، إنما يتوصف ويتشكل شكل هدهد، لأنّ الجن مُتشكلون، ومن بين معاني التشكل قوله تعالى ﴿فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا﴾ تمثَّل أي تشكّل، وكذلك عندما جاء الملائكة إلى سيدنا إبراهيم بمظهر مهيب حين أتى بعجل حنيذ وحين رأى أيديهم لا تمتد إليه وجِل منهم فقالوا له لا توجل ولا تخف، الآيات تتغيّر في نفس المشهد، والسيدة سارة صكّت وجهها وتكلمت عن أنها لا تستطيع الإنجاب وقال إبراهيم كيف أُنجب وقد بلغت كذا وزوجتي عاقر وقالوا لها ﴿رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ وبشّروه بغلام عليم وبشّروه بغلام حليم وبشّروه بإسحاق ومن بعد إسحاق يعقوب وقالوا له سوف ندمر قوم لوط وقال لهم فيهم لوط (يلتمس عفواً) قالوا نحن أعلم، ومضوا إلى لوط بشكل آخر بشكل غلمان على غاية الجمال والنضارة ليخدعوا قوم لوط، إذاً تغيّرت صفاتهم.
الخضر عليه السلام يتغيّر ويتشكل كما يريد، و ﴿شُبِّهَ لَهُمْ﴾ هنا تشكّل، لما قال عن سيدنا عيسى "وما صلبوه ولكن شُبّه لهم" فهنا تشكّل، أي شُبِّه ومُثِّل أي أخذ شكله، وأنا في اعتقادي أنه الخضر عليه السلام، المهم أخذ شكل عيسى فظن الناس أنه عيسى، ثم رجع المسيح بعد ثلاثة أيام وقال لحوارييه "إنّ الموتى لا يأكلون طعام الأحياء واعطوني آكل من سمككم" وأكل منه حتى يُثبت أنه من هذا العالم، لأنّ العالم الآخر لا يأكل من طعامنا. فالملائكة لم تمتدّ أيديهم إلى طعام سيدنا إبراهيم، إلا إثنان فقط لديهم القدرة على الدخول في العوالم هما ذو القرنين والخضر عليه السلام، هما اللذان يستطيعان الدخول بشكل كامل في عالمنا برخص إلهية معيّنة، وهذا سياق يطول.
فالجن هنا في هذا الرسم الثاني يتدخلون أيضاً، يتكلم هذا الهدهد الذي ليس حيوان هدهد ليس الطائر، لأنه بإختبار بسيط ائتِ بهدهد واسأله هل الله يخرج الخبء؟ كيف يعرف أنّ هذه المرأة تحكمهم وكانت تعبد الشمس؟! نعم منطق الطير هو منطق التحكم في الطير لكن الطير والنمل في عالمنا غير ناطق وغير مدرك للأشياء كما تدركها الكائنات في غير هذا العالم، فهذا المشهد كان في غير هذا العالم، والدليل على ذلك أنّ القصر الذي أُتي به إليه كان قصر عجيب "مُمرّد من قوارير" بوابات بُعدية وغير ذلك من الأمور.. حتى آمنت بالله، لأنها قدمت من حضارة عظيمة ومعمار كبير وكانت على حكمة وعلى غاية الجمال وعلى غاية الثقافة والوعي، والقرآن مدحها ونقل كلامها ﴿قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا﴾. كيف سلّط عليهم؟ قال ﴿فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا﴾ هم جنود الجن وجنود العوالم الروحانية، بهذه الجيوش في لحظات تمّ جلبها وأُتي بها في زمن وجيز، لما قال لمن حوله: من منكم يأتيني بعرشها، ما معنى عرشها؟ هو مكان حكمها، كرسي الحكم وما يحيط به من زينة وبهرج، شيء ضخم جداً وفخم جداً، تكلم عفريت من الجن (عفريت أي يتشكل في شكل ثعبان ضخم، يتشكل، ويأخذ شكلين أو ثلاثة حسب ما يُمكَّن له)، فهذا المخلوق الجني يبيّن القرآن أنه قوي جداً فيقول لسيدنا سليمان: أنا أمتلك قوة أمضي إليه وأرفعه بطاقتي الخاصة وأطير به عبر عالمي عالم الجن وأُرسله وأضعه بين يديك قبل أن تقوم من مقامك، (ومجلسه ربما يدوم ساعة أو ساعتين) قال: أنا عليه قوي أمين.
هنا يجلّي الله قوة أكبر من قوة الجن حتى يتعلم الجن أنّ الأمور أكبر منهم وثمّة من هو أقوى منهم، فيتدخل آصف ابن بلخيا وهو شخصية من شخصيات الخضر عليه السلام، دخل الخضر عليه السلام وهو عنده علم من الكتاب ويقول: ﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾ أنا آتيك به في ثانية، والجن مُذهَلون، هذه قوة أخرى. هنا كي يفعل ذلك: بين النقطة (أ) التي ينطلق منها وهي عند سليمان إلى النقطة (ب) التي فيها عرش بلقيس بوزنه وثقله ثَمَّة مسافة (م) تحتاج إلى سرعة (س) من الزمن (وقيّمها وقدّرها العفريت الكبير هذا ملك من ملوك الجن الكبار قيّمها بساعة ونصف ساعتين) وتحتاج إلى قوة (ق) لنقلها ومواجهة مع الجاذبية ومع ثقل هذا الشيء، ولذلك قال "قوي وأمين" أي صاحب قوة. ولكن الخضر عليه السلام يُلغي هذا الأمر، فكيف يلغيه؟ يُلغي المسافة (م) ويُلغي السرعة (س) ويحتفظ بالقوة (ق) بطيِّ المكان والزمان.
◀️ رابط 🔗 الدرس كاملا 👇🏻
[الرقية بين الحقيقة والوهم]
https://youtu.be/61pW05M1Mz0?si=_1UkXwb7X23stUy1