
07/27/2025
في ظل الدمار الهائل الذي لحق بمدينة السويداء خلال الأسبوع الماضي، انطلقت مبادرات أهلية من المجتمع المدني لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد موجة عنيفة من التخريب، النهب، القتل، والاعتداءات. بدأت الفرق التطوعية في تنظيف شوارع المدينة، وإزالة آثار الدمار وتأمين مساكن للعائلات التي احترقت بيوتها إضافة إلى تنظيم توزيع المواد الغذائية خاصة الخبز.
ورغم هذه الجهود المحلية، إلا أن الواقع في السويداء أكثر قسوة. يواجه أهالي السويداء، وهم حوالي نصف مليون مواطن، محاصرون منذ أكثر من 15 يوماً، انعداماً شبه كامل للكهرباء والماء، حيث ذكر السكان أن الكهرباء وصلت لربع ساعة فقط في أحياء قليلة وتم تخريبها وسرقة أسلاكها. وضع الماء معدوم، وهناك آبار خرجت عن الخدمة تماماً، والآبار المتبقية تحتاج لوقود غير متوفر. الطحين بدأ ينفذ من المستودعات، ويتم قصف المطاحن في قرية أم الزيتون. هناك مناطق وأحياء قريبة من المشفى الوطني خالية تماماً من الطحين، ويتم خبز خبز عربي وتوزيع رغيفين على كل عائلة بشكل مؤقت. المواد الغذائية الأساسية بدأت تنفذ من السوبر ماركت والمستودعات.
القطاع الطبي، الذي يُفترض أن يكون خط الدفاع الأول لا يملك قدرة على استيعاب المصابين، ولا إمكانيات لعلاج الحالات الإسعافية. يعمل مستشفى السويداء الوطني بنسبة 15% فقط من طاقته الاستيعابية، مع محدودية في الكادر والموارد. يتزايد خطر تفشي الأمراض في ظل ارتفاع درجات الحرارة ونقص الأدوية.
لا يوجد معلومات عن وضع ذوي الإعاقة وكبار السن في ظل غياب أي خطط أهلية أو حكومية تضمن وصول الخدمات الأساسية لهذه الفئات التي عادة ما تواجه التهميش والتمييز في أوقات الحروب والكوارث، وتدفع الثمن الأكبر نتيجة صعوبة وصولها وتنقلها.
لا يزال وصول المساعدات الإنسانية مقيداً. أقامت قوات الأمن العام حواجز على الطرق الرئيسية، بما في ذلك طريقا دمشق-درعا ودمشق-السويداء، بالإضافة إلى جميع الطرق الأخرى المؤدية إلى محافظة السويداء. وصلت قافلتين للهلال الأحمر العربي السوري، محملة بمساعدات إنسانية تابعة للأمم المتحدة، إلى محافظة السويداء، محملةً بإمدادات أساسية. ومع ذلك، هذه المساعدات لا تغطي الاحتياجات الهائلة لسكان المحافظة.
في ملف النازحين، تشير التقارير إلى نزوح ما لا يقل عن 145,600 شخص باتجاه محافظتي درعا وريف دمشق. قُدِّر عدد العائلات النازحة ومعظمها من البدو، التي كانت تقطن 27 مركزاً جماعياً غير رسمي في درعا بنحو 3,245 عائلة. تعيش هذه العائلات في المدارس، الكنائس، الأضرحة والمباني العامة في ظروف متردية للغاية، حيث لا يزال الحصول على الغذاء، الماء، المأوى، المواد غير الغذائية، والرعاية الصحية محدوداً للغاية.
المشهد في مراكز الإيواء المؤقتة، يعكس أزمة إنسانية متصاعدة تستدعي تحركاً عاجلاً قبل أن تتحول إلى كارثة مفتوحة، فيما تبدو الحكومة عاجزة عن إدارة الملف الإنساني.