04/29/2025
جمال القرآن
إنّ الإسلام ليس مجرّد دين يُمارَس في الشعائر، بل هو منهج حياة، ونور يبدّد ظلمات الجهل، وسكينة تلامس الروح، ونظام إلهي بديع يجمع بين العقيدة، والسلوك، والأخلاق، والرحمة. وفي قلب هذا الدين العظيم، يتربّع القرآن الكريم، ذلك الكتاب المعجز، الذي لا تنقضي عجائبه، ولا يملّ تاليه، ولا يشبع منه العلماء مهما نهلوا من معينه الصافي.
القرآن الكريم ليس مجرد كلمات، بل هو أنفاس الرحمة الإلهية تتنزل على القلوب، فتُحييها بعد موات، وتطهّرها من رجس الدنيا، وتسمو بها إلى آفاق النور والإيمان. في كل آية منه سرّ، وفي كل حرف نور، وفي كل سورة رسالة خالدة تتجاوز حدود الزمان والمكان. هو كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.
إنّ الجمال في الإسلام يتجلّى في توازن تشريعاته، وعدالة أحكامه، ورقة أخلاقه، وسمو مقاصده. يُعلّمنا الإسلام الرحمة بالإنسان والحيوان، ويلفت أنظارنا إلى عجائب الكون لنزداد إيمانًا، ويربّي النفس على الصبر، والشكر، والتواضع، والتسامح. كل ذلك جاء مقرونًا بآيات قرآنية تهدي، وتُرشد، وتربّي، وتبني الإنسان بناءً متكاملًا روحيًا وعقليًا وسلوكيًا.
ومن أوجه جمال القرآن، ذلك الإعجاز البياني الذي حيّر فصحاء العرب وأرباب البلاغة. فإنك لا تقرأ آيةً إلا ووجدت فيها تناغمًا في اللفظ، وانسجامًا في المعنى، ودقةً في التعبير، وعُمقًا في الدلالة. آيات تتحدث عن السماوات والأرض، وعن النفس البشرية، وعن التاريخ والأمم، وعن المستقبل والبعث، بأسلوب يأسر العقل والقلب معًا.
الإسلام، بدستوره الرباني المتمثّل في القرآن، يجعل الإنسان محورًا للتكريم الإلهي، فيحثّه على العلم، ويأمره بالتفكر، ويدعوه إلى تهذيب نفسه والسمو بها عن الأهواء. بل إنّ أول كلمة نزلت من هذا الكتاب الخالد كانت "اقرأ"، وهي دعوة للمعرفة، ولإعمال العقل، وللبحث عن الحقيقة في كل شيء.
إنّ جمال الإسلام لا يُحدّ، لأنه جمال نابع من الحق، ومن الرحمة، ومن التوازن، ومن دعوته للسلام الداخلي والخارجي. ومن يتأمل في آيات القرآن بقلبٍ مفتوح، وعقلٍ واعٍ، يرى فيه نورًا يهدي إلى الرشاد، ودواءً لكل حيرة، وسراجًا ينير دروب الحياة في زمنٍ تزداد فيه الحيرة وتكثر الظلمات.