قناة القرآن - The holy Quran Channel

قناة القرآن - The holy Quran Channel "القرآن، كنز الحكمة ومصباح الهدى، ينير طريقك ويملئ قلبك بالسلام والسكينة.

"The Quran, a treasure trove of wisdom and a guiding light, illuminates your path and fills your heart with peace and tranquility."

04/29/2025

جمال القرآن

إنّ الإسلام ليس مجرّد دين يُمارَس في الشعائر، بل هو منهج حياة، ونور يبدّد ظلمات الجهل، وسكينة تلامس الروح، ونظام إلهي بديع يجمع بين العقيدة، والسلوك، والأخلاق، والرحمة. وفي قلب هذا الدين العظيم، يتربّع القرآن الكريم، ذلك الكتاب المعجز، الذي لا تنقضي عجائبه، ولا يملّ تاليه، ولا يشبع منه العلماء مهما نهلوا من معينه الصافي.

القرآن الكريم ليس مجرد كلمات، بل هو أنفاس الرحمة الإلهية تتنزل على القلوب، فتُحييها بعد موات، وتطهّرها من رجس الدنيا، وتسمو بها إلى آفاق النور والإيمان. في كل آية منه سرّ، وفي كل حرف نور، وفي كل سورة رسالة خالدة تتجاوز حدود الزمان والمكان. هو كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.

إنّ الجمال في الإسلام يتجلّى في توازن تشريعاته، وعدالة أحكامه، ورقة أخلاقه، وسمو مقاصده. يُعلّمنا الإسلام الرحمة بالإنسان والحيوان، ويلفت أنظارنا إلى عجائب الكون لنزداد إيمانًا، ويربّي النفس على الصبر، والشكر، والتواضع، والتسامح. كل ذلك جاء مقرونًا بآيات قرآنية تهدي، وتُرشد، وتربّي، وتبني الإنسان بناءً متكاملًا روحيًا وعقليًا وسلوكيًا.

ومن أوجه جمال القرآن، ذلك الإعجاز البياني الذي حيّر فصحاء العرب وأرباب البلاغة. فإنك لا تقرأ آيةً إلا ووجدت فيها تناغمًا في اللفظ، وانسجامًا في المعنى، ودقةً في التعبير، وعُمقًا في الدلالة. آيات تتحدث عن السماوات والأرض، وعن النفس البشرية، وعن التاريخ والأمم، وعن المستقبل والبعث، بأسلوب يأسر العقل والقلب معًا.

الإسلام، بدستوره الرباني المتمثّل في القرآن، يجعل الإنسان محورًا للتكريم الإلهي، فيحثّه على العلم، ويأمره بالتفكر، ويدعوه إلى تهذيب نفسه والسمو بها عن الأهواء. بل إنّ أول كلمة نزلت من هذا الكتاب الخالد كانت "اقرأ"، وهي دعوة للمعرفة، ولإعمال العقل، وللبحث عن الحقيقة في كل شيء.

إنّ جمال الإسلام لا يُحدّ، لأنه جمال نابع من الحق، ومن الرحمة، ومن التوازن، ومن دعوته للسلام الداخلي والخارجي. ومن يتأمل في آيات القرآن بقلبٍ مفتوح، وعقلٍ واعٍ، يرى فيه نورًا يهدي إلى الرشاد، ودواءً لكل حيرة، وسراجًا ينير دروب الحياة في زمنٍ تزداد فيه الحيرة وتكثر الظلمات.

08/12/2024

“يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك”.

08/12/2024

أدعية من السنة النبوية

هذه بعض الأدعية المختارة والواردة في السنة النبوية :

– ” اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك خاصمت، وبك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وأسررت وأعلنت، وما أنت أعلم به مني، لا إله إلا أنت”. متفق عليه .

– اللهم ربنا لك الحمد، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد”. أخرجه مسلم.

– “سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي”. متفق عليه.

اقرأ أيضا:
أدعية قرآنية
أدعية تفريج الكروب
الأدعية التي تقال على الوضوء
الدعاء للميت
– “اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد“. متفق عليه.

– “اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم. متفق عليه.

– “اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم والبخل ، وأعوذ بك من عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات”. متفق عليه.

– “اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال”. أخرجه البخاري.

– “اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها”. أخرجه مسلم.

– “اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم، والمغرم والمأثم، اللهم إني أعوذ بك من عذاب النار وفتنة النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، وشر فتنة الغنى، وشر فتنة الفقر، ومن شر فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب”. متفق عليه.

– “اللهم إني أعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وعذاب القبر”. أخرجه البخاري.

“اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل”. أخرجه مسلم.

– “اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار ومن عذاب النار، وأعوذ بك من فتنة القبر، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة الغنى، وأعوذ بك من فتنة الفقر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال”. متفق عليه.

– “اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك”. أخرجه مسلم.

– “اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام ومن سيئ الأسقام”. أخرجه أبو داود والنسائي.

– “اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء”. أخرجه الترمذي.

– “اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي ومن شر بصري ومن شر لساني ومن شر قلبي ومن شر منيي”. أخرجه الترمذي والنسائي.

– “اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم”. أخرجه أبو داود والنسائي.

– “اللهم إني أعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي”. أخرجه أبو داود والنسائي.

“اللهم إني أعوذ بك من الهدم وأعوذ بك من التردي وأعوذ بك من الغرق والحرق والهرم وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبرا وأعوذ بك أن أموت لديغا”. أخرجه أبو داود والنسائي.

– “اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا”. أخرجه أحمد وابن ماجه.

– “اللهم إني أسألك يا الله بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم”. أخرجه أبو داود والنسائي.

– “اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك”. أخرجه أبو داود والنسائي.

– “اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد”. أخرجه الترمذي وابن ماجه.

– “اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون”. أخرجه الترمذي.

– “اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى”. أخرجه مسلم.

– “اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك”. أخرجه البخاري وأبو داود.

– “اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي بصري نورا، وفي سمعي نورا، وعن يميني نورا، وعن يساري نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، وأمامي نورا، وخلفي نورا، وعظم لي نورا”. أخرجه مسلم.

– “اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر”. أخرجه مسلم.

– “اللهم اغفر لي خطيئتي، وجهلي وإسرافي، في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير”. متفق عليه.

– اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين”. أخرجه أحمد والبخاري.

-“اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني”. أخرجه مسلم.

– “اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره”. أخرجه مسلم.

– “اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت”. أخرجه مسلم.

– “اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت”. أخرجه البخاري.

– “اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت”. أخرجه أبو داود والترمذي.

– “اللهم اهدني وسددني”. أخرجه مسلم.

– “اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت وبك خاصمت اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون”. متفق عليه.

– “اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار”. متفق عليه.

– “اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك”. أخرجه مسلم.

– “يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك”. أخرجه أحمد والترمذي.

– “اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي”. أخرجه أحمد.

– “اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب وأسألك القصد في الفقر والغنى وأسألك نعيما لا ينفد وأسألك قرة عين لا تنقطع وأسألك الرضاء بعد القضاء وأسألك برد العيش بعد الموت وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين”. أخرجه النسائي.

– “اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني”. أخرجه الترمذي وابن ماجه.

– اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم”. أخرجه مسلم.

– “اللهم أحسنت خلقي فأحسن خلقي”. أخرجه أحمد.

– “رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور”. أخرجه أحمد والترمذي.

– “اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك”. أخرجه مسلم

– “دعوة ذي النون، إذ دعا في بطن الحوت، قال: لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين : ما دعا بها أحد قط إلا استجيب له”. رواه أحمد

– “اللهم ضع في أرضنا بركتها وزينتها وسكنها”. رواه الطبراني في الأوسط.

– “رب أعني، ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر الهدى لي، وانصرني على من بغى علي، رب اجعلني لك شاكراً، لك ذاكراً، لك راهباً، لك مطواعاً، لك مخبتاً، إليك أواهاً منيباً، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعواتي، وثبت حجتي، وسدد لساني، واهد قلبي، واسلل سخيمة صدري” رواه أبو داود .

08/12/2024

الإسلام والآخر .. قراءة في المنظور الحضاري
ا
يلزمنا بداية تحديد مفهوم الآخر، والذي يعني اصطلاحا : كل ما يخالف الأنا، سواء أكانت أنا فردية أم جماعية. فالأنا الفردية تعني أن الآخر هو كل ما هو خارجها من أشخاص وإن تفاوتت درجات القربى والبعد معهم. وإذا كانت جماعية، فهناك ذات جماعية تتمثل في الهوية والثقافة المشتركة، ويقابلها آخر جمعي (أو آخرون جمعيون)، وتتمثل في مختلف الهويات والثقافات الأخرى على مختلف درجاتها. وهناك سياقات ومستويات كثيرة تتقاطع مع الأنا سواء كانت فردية أو جماعية، وهي بدورها تنتج عددا كبيرا من صور الآخر، من الصعب أن يجمعها المرء في إطار واحد قابل للتحليل أو التطبيق[1].

فمصطلح الآخر -على إطلاقه – تتنازعه الفردية والجماعية، وفق السياقات التي يرد فيها، فالآخر بالنسبة للشخص الفرد، هو كل من عداه، وبالنسبة للجماعة/ القبيلة، هم الجماعات والقبائل الأخرى، وكذلك بالنسبة إلى الثقافات، هي الثقافات الأخرى، أو الثقافات المغايرة لها، وهذا يعتمد على مجالات التلاقي والتأثير والتأثر بينها. ونفس الأمر، ينطبق على الحضارات، فحضارة الذات هي حضارتنا العربية الإسلامية، أما الحضارات الأخرى فهي المخالفة لنا، والتي لا تعني أننا في حالة مواجهة معها، وإنما تعني أننا وهم مختلفون في تكويننا الحضاري. فـ الحضارة الإسلامية حضارة نص مقدس وهو القرآن الكريم، أما الحضارة اليونانية مثلا، فهي حضارة الفلسفة والعلوم العقلية، فالتكوين مختلف، وبالتالي تكون العلوم والفنون والآداب المنتجة في كلتا الحضارتين. وهذا ما يغيب كثيرا عن بعض مفكري العرب المعاصرين، الذين لا يريدون حوارا حضاريا مع الغرب الأوروبي والأمريكي، وإنما يريدون – في الحقيقة – تقليدا ونقلا كاملا، وما زلنا نرى مساجلات التنويريين العرب (العلمانيين بتياراتهم)، ضد المفكرين الإسلاميين، تنحصر في أهمية تحجيم الإسلام شريعة وثقافة وعلوما، وهو مفهوم العلمانية الجزئية، ومن ثم الانفتاح (الاستيراد) الواسع للثقافة الغربية لنكون قرناء لهم.

فمن أبرز المزالق في أي حوار حضاري، أن يبدأ المتحاورون بالتخلي عن الهوية الثقافية والحضارية، إرضاء للحضارة الأخرى المتقدمة، على نحو ما يفعل بعض العلمانيين العرب، عندما يفهمون الحضارة على أنها نقل النموذج الأوروبي لنا، والاقتداء به، والبحث في ثقافتنا عما يشبهه. وهذا خطأ بيّن، فالمعلوم أن حضارتنا الإسلامية لها بناؤها المتميز علميا، وهو بناء أساسه إتقان العلوم الشرعية واللغوية والتاريخية والفكرية، ثم التعاطي الإيجابي مع العلوم الأخرى، خاصة الفلسفة، عندما اطلعوا على حضارة اليونانيين وفلسفاتهم، وأنه لا تعارض بين علوم الشريعة وتعلم الفلسفة بداية. ومن المعلوم أن علماء الشريعة من جهة العدد فاقوا عدد المشتغلين بالفلسفة، بل إن غالبية من اشتغلوا بالفلسفة قديما، كانوا علماء متميزين في الشريعة. فقد كانوا أشبه بالبنائين، الذين وضعوا أسسا لجميع العلوم الإنسانية وحتى التطبيقية طوال مسيرة الحضارة الإسلامية، وكذلك على صعيد التربية والتعليم والجهاد والمال والوقف والمشاركة في الحكم، وهو تأثير امتد لقرون طويلة [2] .

على جانب آخر، فإن المسلمين تعرفوا قديما على الحضارات والثقافات والمدنيات المغايرة، مثل الحضارات السابقة عنهم: الفارسية، اليونانية، أو الحضارات المعاصرة مثل :الحضارتين الهندية والصينية، أو الثقافات الحديثة مثل الثقافة الغربية أو الثقافات في دول الشرق الأقصى أو ثقافة شعوب أفريقيا والأقليات في العالم الإسلامي، فلا وجود لما يسمى الانغلاق تاريخيا.

فمع فتح الشام عام 17 هـ، ومصر عام 20 هـ، انفتح أمام المسلمين حضارة اليونان والرومان، وعلومهم، وهو ما استفادوا منه لاحقا، وفي العام 21هـ، فتحت العراق وفارس، وسقطت الحضارة الفارسية، ليرثها المسلمون، ثم انفتحوا على أوروبا (المتخلفة حضاريا) وقتئذ، بعد فتح الأندلس عام 93هـ، فعرف المسلمون ثقافة أوروبا وشعوبها، ووصلوا لغرب فرنسا، وجنوب إيطاليا، وسيطروا على جزر البحر المتوسط، والتي كانت مراكز حضارية لاحقة[3]، وهذا يعني أن حضارة الإسلام بتوسطها الجغرافي للعالم، استفادت حضاريا من الحضارات السابقة عليها، والمعاصرة لها، دون مدافعة أو مقاتلة أو احتلال عسكري، فكان التواصل الحضاري عنوان انفتاح المسلمين.

وقد بدأ التفاعل العربي مع الحضارات الأخرى منذ بداية الفتوحات الإسلامية، حيث تسارعت حركة الترجمة بشكل كبير، على يد أبناء الأقطار المفتوحة، الذين شكلوا همزة وصل مع الحضارة العربية التي كانت لا تزال في مهدها، فقد أتقن عدد من المسيحيين اللغة العربية في مصر والشام والعراق، وشرعوا يترجمون إليها مخطوطات وكتب عن اللغة السريانية، وعمل النساطرة واليعاقبة على ترجمة الطب إلى العربية، ومن أبرز هؤلاء المترجمين: يوحنا بن سرابيون النصراني السرياني، وعلي بن سهل بن رابان الطبري، وقد كان نصرانيا وأسلم، وذلك في القرن الثالث الهجري [4].

وهذا له دلالة كبيرة، في حق الحضارة الإسلامية، التي ساهم في بنائها أهل الكتاب والديانات الأخرى، مما يدحض أي شبهات نحو العداء للآخر، أو محاربة العلم القديم.

واستمرت حركة الترجمة إلى العربية، من بوابات متعددة، فتعرف العرب أولا على التراث اليوناني من الكتب الهندية، ومن ثم قاموا بترجمته مباشرة من مكتبات جزيرة “قبرص” في عهد الخليفة المأمون، وصول مجموعة من الكتب الإغريقية من مكتبات القسطنطينية. بجانب مواصلة ترجمة أبرز كتب الحضارة الهندية، وتحولت بغداد إلى بوتقة للحضارات، فيما أسماه عدد من المؤرخين: إسكندرية جديدة، حيث أنشأ المأمون بيت الحكمة، التي بلغت قمة نشاطها في عهده، وقد أوقفت مبالغ ضخمة على حركة الترجمة، وعمل فيها عدد كبير من النقلة عن اللغة اليونانية والسريانية والفارسية، وكذلك الهندية والقبطية. وقد كان الخليفة المأمون بليغا في خطبه، عظيم المعرفة في الطب، حتى شبهه أحد العلماء بأنه مثل جالينوس، وكان دأبه أن يطلب من المغلوبين الرومان المخطوطات الإغريقية في مقابل معاهدات السلام أو الإفراج عن الأسرى [5]، ومن هنا بدأت حركة مثاقفة واسعة مع حضارات العالم وقتئذ.

ذلك الأمر الذي جعل الحضارة الإسلامية العربية مستوعبة لثقافات متعددة، لأمم مختلفة، و لكل ثقافة منها أعلام مميزون، وقد عملوا مستقلين، وفق جدول خاص بكل ثقافة، ثم ما لبثت أن بدأت تلتقي مكونة نهرا عظيما، فيه امتزاج وتزاوج وتوليد، وكتبت بعد ذلك باللغة العربية بعدما انكب علماء الأمم الأخرى على اللغة العربية فأتقنوها، وصاغوا مؤلفاتهم بها[6]، وحافظت بذلك الحضارة الإسلامية على علوم الأمم الأخرى، وأضافت عليها وأبدعت.

لقد قدمت الحضارة الإسلامية نفسها إلى العالم- في العصر الوسيط-، من خلال هويتها الخاصة التي أنشأتها، عبر تمييز نفسها عن المجتمعات الهمجية التي كانت موجودة في أنحاء شتى من العالم القديم، ممثلة في قبائل وسط أفريقيا وغاباتها، أو قبائل وسط آسيا البدوية الهمجية، مثل التتار ومن شابههم. فقدم المسلمون حضارتهم بوصفها حضارة مدنية ومثقفة ومهذبة، لها نظرتها العالمية الواضحة، والتي يُعبَّر عنها بأنها دينية الطابع، ولها نظام امبراطوري له حدوده السياسية الواسعة الممتدة في القارات الثلاث، ولها بنيتها العسكرية والسياسية والاقتصادية المتناسقة مع تكوينها. ودخلت في منافسة مع الحضارة الأوروبية، ولكن لم يكن لديها نزعة توسعية استعمارية مدمرة [7] .

وهي على العكس من الحضارة الأوروبية التي أرادت معرفة الآخرين (المجتمعات والدول والثقافات) بناء على نزعتها التوسعية، وقيمها الأساسية التي تقوم على العلوم والتجارة، ونظرت إلى العالم الخارجي على أساس وجود منافسين لها، مثل الصين والعثمانيين، وباختصار فإن الحضارة الغربية مبنية على المصلحة الخاصة النفعية، والتفاني من أجلها ومن أجل المعرفة فقط، وليس من أجل رسالة حضارية قيمية سامية، وللأسف فإن النموذج الأوروبي هو النموذج العالمي السائد الآن، بكل نفعيته وماديته [8]، وتسير وراءه الثقافات والحضارات الأخرى، مما يفسح المجال للحضارة الإسلامية كي تقدم رسالتها الخيرية العالمية، وتصحح المفاهيم عنها، وعن الإسلام الدين والثقافة والحضارة.

و هو ما يشهد به ” فوكوياما “، عندما قال إن الإسلام يشكّل إيديولوجيا متسقة ومتماسكة شأن الليبرالية والشيوعية وأن له معاييره الأخلاقية الخاصة به، ونظريته المتصلة بالعدالة السياسية الاجتماعية، كذلك فإن للإسلام جاذبية يمكن أن تكون عالمية، داعيًا إليه البشر لا مجرد أعضاء في جماعة عرقية أو قومية معينة…” [9].

وهي شهادة نادرة في حق الإسلام، بوصفه إيديولوجيا وفكر، وعقيدة وأخلاق، وشريعة وهدي، فقد وضع يده على أبرز ما يميز الإسلام، فهو منظومة أخلاقية متكاملة، نابعة من دين وإيمان، من يؤمن بها ويتحلى بأخلاقها فهو مثاب عند الله، فللإسلام جاذبية خاصة، وله القدرة الكبيرة على الانتشار السريع في العالم، فكما هو ثابت في إحصائيات كثيرة، أن الإسلام كديانة هو الأسرع انتشارا في العالم، فقد فادت دراسة لمركز أبحاث “بيو” الأمريكي بأن الإسلام هو الديانة الأسرع انتشارا حاليا في العالم، وقدرت الدراسة أن يزيد عدد المسلمين بين عامي 2010 و2050 بنسبة 73%، ويتبعهم المسيحيون بزيادة 35%، والهندوس بنسبة 34%،متوقعة أن يتجاوز الإسلام المسيحية ليصبح الديانة الأكثر انتشارا بحلول نهاية القرن[10].

إن الحضارة الإسلامية قامت في الماضي- وستقوم في الحاضر والمستقبل أيضا – على أساس قيمي مفاده: تقدير فعالية الإنسان والمجتمع والأمة، وعلى الاعتراف بالآخر والتواصل معه، دون النظر إلى جنسه أو عرقه أو لونه أو لغته أو حتى دينه، والتجربة التاريخية الإسلامية تثبت أن الحكم الإسلامي على امتداد حقب التاريخ حافظ على خصوصيات الشعوب التي حكمها، وأنها قدمت نموذجا باهرا لحوار وتعايش الثقافات والأمم والحضارات، وبناء على ذلك، لابد من العمل على إيجاد أرضية مشتركة مع الحضارات الأخرى قاعدتها الحوار الإيجابي والتعايش والتلاقي البنّاء، ومنع كافة أشكال الصراع والهيمنة، ورفض تدنيس القيم الأخلاقية والدينية وانتهاك المحرمات والمقدسات، واحترام القيم الخاصة لكل ثقافة، مع القبول الفعلي للتنوع الثقافي[11]، لأن الأمر مرتبط بالنبع الأساسي لها وهو الإسلام الدين.

وهذا ما يجعلنا نقف على أرض صلبة، ونرى أن المستقبل يحمل للحضارة الإسلامية العربية خيرا كثيرا، فمهما تكاثروا ضدها، فإنها تسير، وتبني نهضتها الجديدة، ليس على أساس النفعية، وإنما على أساس القيم.

[1] الأنا والآخر وهدم النمطية، د. محمد فايز الطراونة، مجلة عالم الفكر، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، مج27، العدد 3، يناير / مارس 1999م، ص282.

[2] علماء الشريعة وبناء الحضارة : دراسة فكرية تاريخية لإبراز آثار العلماء ومآثرهم الحضارية، د. عبد الله بن إبراهيم الطريقي، دار المسلم للطبع والنشر، الرياض، 1418هـ، ص453 – 455.

[3] الدعوة إلى الإسلام، توماس أرنولد، ترجمة : حسن إبراهيم حسن، وعبد المجيد عابدين، إسماعيل النحراوي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1947م، ص135.

[4] المنجز العربي الإسلامي في الترجمة وحوار الثقافات، د. أحمد عتمان، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2013م، ص77.

[5] المرجع السابق، ص127، 128.

[6] المرجع السابق، ص139 – 141.

[7] الحضارة ومضامينها، بروس مازليش، ترجمة : د. عبد النور خرافي، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 2014م، ص120.

[8] السابق، ص116.

[9] نهاية التاريخ وخاتم البشر، فرانسيس فوكوياما،، ترجمة حسين أحمد أمين، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1993م، ص 56.

[10] دراسة لـ”بيو”: الإسلام الديانة الأسرع انتشارا في العالم، تقرير لموقع CNN العربية، 16/3 / 2017م.

[11] حوار الحضارات، ندوة، مجلة الأمن والحياة، منشورات جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، العدد 376، أغسطس 2013م، ص15. مداخلة د. عبد الله العشي.

08/11/2024

“اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم، والمغرم والمأثم، اللهم إني أعوذ بك من عذاب النار وفتنة النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، وشر فتنة الغنى، وشر فتنة الفقر، ومن شر فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب”. متفق عليه.

Address

New York, NY

Website

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when قناة القرآن - The holy Quran Channel posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Share