08/23/2024
الثقافة المجتمعية والتنويم :
يخضع الانسان في مجتمعاتنا للتنويم المغناطيسي ( الاجتماعي ) فالمجتمع يسلط على الفرد منذ طفولته ايحاءات مكررة في مختلف شئون الحياة العقائدية والمجتمعية من موروث العادات والتقاليد السلبية منها والايجابية حيث يتم وضع افكار الانسان في قوالب ثابتة جامدة ومطلقة يصعب التحرر منها
يستمر الانسان داخل البيئات المغلقة مستلهما كل الإيحاءات والكلمات التي تتكرر على مسامعه على الدوام حتى تصبح عائقا أمام أي مناهج معرفية إنسانية مغايرة ، لان ما كان يسمعه قد تكرر لآلاف المرات حتى صار عنده في مقام الحقيقة المطلقة وإن كانت أوهاما وخرافات فليس بإمكانه معارضتها وتعريض نفسه للهلاك
هناك إختلاف في درجة التنويم المجتمعي من فرد الى آخر ، فمنهم من تحصنه البيئة العائلية ومنهم من تحصنه البيئة المعرفية ومنهم من يحصنه عقله عندما يتغلب على نزعاته وعواطفه ومنهم من يعيش في بيئة مغلقة بكل حلقاتها ففي حال ان يكون الفرد عاطفيا يصبح ممثلا بارعا في تجسيد كل عادات تلك البيئة ، يفرح لكل شيئ يفرح له العامة ويؤيد ويعارض ويذهب للقتال ويفعل ما يفعلون دون اعطاء عقله فرصة التساؤل والتحليل
المجتمع يتفاعل بدوره بشكل كبير جدا تجاه الافراد ، حيث يصبح كل فرد يرضيه ويمارس ما يمارس بخضوع وقناعة تامة في موضع التقي المؤمن والمناضل الوطني المخلص والفرد المثال في الاخلاق والنزاهة .... وإن لم يفعل أو حتى عارض بعضها أو تساءل فأن المجتمع يضعه في مواضع الريبة والشك والتكفير والتخوين وقد يصل به الى القتل ...
يستخدم المجتمع اللغة وبيانها كوسيلة للتأثير في أفراده وذلك هو ما وصفه الجابري بالبيان وما يندرج تحت تسمية العقل التراثي البعيد عن الحاضر المتغير ...