09/24/2025
إقليم كردستان يستغل زيارة الآشوريين في حملة علاقات عامة وسط اتهامات بالاستيلاء على الأراضي والتمييز
الناشط الآشوري-الأميركي سام دارمو يؤكد أن زيارته لشمال العراق ستعود بفوائد ملموسة على الشعب الآشوري، لكن منتقدين يرون أن المستفيد الحقيقي ليس المظلومين بل مضطهديهم.
أسيريا بوست
24 أيلول 2025
أجرى أربعة آشوريين-أميركيين من منظمة الآشوريون من أجل العدالة جولة في شمال العراق لعدة أيام في أيلول، قادها سام دارمو، وكيل عقارات من فينيكس وأحد مؤسسي حركة الآشوريون من أجل ترامب. التقى الوفد بقائمة بارزة من كبار مسؤولي حكومة إقليم كردستان بقيادة البارزانيين، حيث استقبلهم رئيس الوزراء مسرور بارزاني، ورئيس الإقليم نيجرفان بارزاني، والزعيم السابق مسعود بارزاني. كما حضروا مأدبة عشاء خاصة أقامتها بيان رحمن، المستشارة الرفيعة لرئيس الوزراء، بحضور وزير الخارجية سفين دزيي ومسؤولين آخرين.
سبقت الزيارة فعالية في الكونغرس الأميركي يوم 21 تموز، برعاية النائب الجمهوري أبراهام حمادة من أريزونا لتكريم شهداء الآشوريين، وحضرها بيان رحمن وسفين دزيي، وحظيت بتغطية واسعة من الإعلام الكردي. وبعدها زار دارمو ومرافقوه مكتب حكومة الإقليم في واشنطن، وأصدروا بيانًا صحفيًا شكروا فيه المسؤولين الأكراد على “التزامهم بالحوار المفتوح”.
استغلال سياسي للزيارة
تحولت زيارة دارمو سريعًا إلى حملة علاقات عامة كثيفة من قبل حكومة الإقليم، الساعية إلى دعم أميركي متواصل. فقد جرى استضافته على عدة قنوات إعلامية كردية تابعة لعائلة البارزاني، وروّجت التغطية الإعلامية للزيارة باعتبارها دليلاً على دعم حكومة الإقليم للآشوريين. ظهرت عناوين مثل:
• “ناشط آشوري يشيد بدور الإقليم في حماية حقوق الآشوريين” (روداو إنكليش)
• “الرئيس بارزاني يجدد التزامه بحماية المكونات الدينية والعرقية”
• “وفد آشوري أميركي يثني على التعايش في الإقليم” (باز نيوز)
• “الإقليم يبرز كملاذ آمن للآشوريين: الوفد الأميركي”
وكشف تحقيق بوست أن وسائل الإعلام الكردية نشرت مقالات شبه متطابقة خلال أيام قليلة مع تغيير طفيف في العناوين والمحتوى، في ممارسة تُعرف بتكرار المحتوى لأغراض تحسين الانتشار. في الوقت نفسه، وزّع مكتب الإقليم في واشنطن روابط هذه الأخبار على عدد من مكاتب الكونغرس وجهات أميركية أخرى.
سجل طويل من الانتهاكات والتمييز
بينما يروّج الإقليم لنفسه كحامٍ للتعايش السلمي أمام الغرب، تبقى مظالم الآشوريين عميقة. فقد وثّقت منظمات آشورية ودولية مستقلة عقودًا من التمييز المنهجي والاعتداءات والاستيلاء على الأراضي منذ تأسيس حكومة الإقليم عام 1992. كما يسعى الإقليم لضم سهل نينوى – المنطقة الآشورية الخالصة – عبر مزيج من الضغوط والإغراءات، وفق تقارير هيومن رايتس ووتش.
لقاء ممنوح وآخر مرفوض
حظي دارمو باستقبال من أرفع القيادات الكردية الثلاث، بينما كشف رئيس أكبر حزب آشوري سياسي في الإقليم، الحركة الديمقراطية الآشورية، في رسالة مفتوحة، أن مسعود بارزاني تجاهل مرارًا طلبات للقاء لمناقشة مسألة الاستيلاء على أراضي الآشوريين وقضايا أخرى لم تُحل.
رسالة مفتوحة: حزب آشوري يتهم القيادة الكردية بالإهمال والظلم
في رسالة إلى رئيس الوزراء مسرور بارزاني، أعرب رئيس الحركة الديمقراطية الآشورية، يعقوب كوركيس، عن قلقه من الاستيلاء على أراضي الآشوريين والتمييز ضدهم في شمال العراق.
ردود غاضبة من الآشوريين
واجه دارمو انتقادات حادة على وسائل التواصل الاجتماعي. أحد المعلقين على صفحة قناة ANB Sat كتب:
“اسألوا إذن العاطلين عن العمل من الآشوريين، وأهل القرى المحاصرين بالحواجز، وأصحاب الأراضي والمزارعين الذين صودرت أملاكهم.
انظروا للاعتراضات العالقة منذ سنوات بلا حل، وقارنوا الخدمات في مناطق الآشوريين بمناطق الأكراد، وستعرفون الحقيقة. يجب قولها دائمًا.”
ورغم إشادة دارمو الرسمية بحكومة الإقليم، تفادى الإجابة عن الأسئلة الحساسة. وعندما سئل عن “الرابط التاريخي” بين الأكراد والآشوريين، أجاب بكلمة مقتضبة: “بالضبط”، متجاهلًا أن هذا “الرابط” وسمته مجازر واعتداءات متكررة ضد الآشوريين.
فالمؤرخون يؤكدون أن الأكراد كانوا مشاركين رئيسيين في إبادة الآشوريين عام 1915، وكذلك في مجزرة سميل وأحداث أخرى.
احتجاجات في عنكاوا ضد الاستيلاء على الأراضي
تزايدت مخاوف السكان ما أدى إلى المطالبة باحتجاجات ضد محاولات الاستيلاء في المنطقة.
السياق الأوسع
لطالما سعت حكومة الإقليم، ككيان مسلم يعتمد على الدعم الأميركي، إلى تعزيز نفوذها في واشنطن. وحرصت على تقديم نفسها كحامية للمسيحيين لتأمين بقائها عبر دعم الغرب. ويرى كثير من الآشوريين أن استقبال بضعة شخصيات آشورية لا تمثل سوى نفسها منح القيادة الكردية دعاية ثمينة: تصوير الإقليم مجددًا كملاذ للمسيحيين وتصدير عناوين إعلامية إلى الخارج بمجرد إغراء دارمو باللقاءات الرفيعة.
قال محلل سياسي آشوري من دهوك لـ بوست، مفضلاً عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية:
“لا شك أن سام دارمو يريد الخير للآشوريين هنا، لكن لو كانت لدى حكومة الإقليم نوايا صادقة لما احتاج الأمر أن يأتي شخص من أميركا.
لقد جعل نفسه مثالاً جديدًا على السذاجة السياسية الآشورية. أعطى الأكراد ما يريدون مقابل لا شيء.”
ولا يُعرف ما إذا كان الوفد قد التقى أيضًا ويندي غرين، القنصل العام الأميركي الجديد في أربيل.