30/11/2025
من "المحتاج" إلى "سند المحتاجين": قصة أحمد
كان أحمد يعيش مع أسرته في حي شعبي بسيط. توفي والده وهو في سن المراهقة، فوجد نفسه فجأة المسؤول عن أمه وأخوته الصغار. ترك المدرسة والعمل في أي وظيفة يستطيعها؛ عامل في ورشة، ثم بائعًا متجولًا، ولم يكن يجد دائمًا ما يكفي لسد احتياجات البيت.
كانت أيامه صعبة، مليئة بالتعب والقلق. في إحدى الليالي الماطرة، وبينما كان يعود إلى بيته المتواضع، شاهد رجلًا مسنًا يحاول إصلاح عطل في سيارته الصغيرة على جانب الطريق. توقف أحمد رغم أنه كان متعبًا وليس في جيبه سوى القليل. ساعده في دفع السيارة إلى مكان آمن، واستعان ببعض معرفته البسيطة بميكانيكا السيارات حتى تمكنا من إصلاح العطل المؤقت.
لم يكن لدى الرجل المسن ما يعطيه لأحمد سوى الدعاء له بدموع: "ربنا يوسع عليك كما وسعت على عبدي هذا، ويجعلك سندًا لمن لا سند له."
هنا كانت اللحظة الفاصلة.
غادر أحمد المكان وهو يشعر بدفء غريب في قلبه. لقد نسيه تعبه وشعوره بالحاجة. لأول مرة منذ سنوات طويلة، شعر أنه "مفيد". هذا الشعور كان أنقى وأغلى من أي مال.
فكر أحمد: "لو أن مساعدة بسيطة كهذه جعلتني أشعر بهذا الدفء، فلماذا لا أجعلها جزءًا من حياتي؟ الحاجة ليست فقط للمال، بل للعون والوقت والكلمة الطيبة."
منذ تلك الليلة، قرر أحمد أن يغير من نهجه:
1. لم يستسلم للفقر: بدأ يتعلم مهارة جديدة في إصلاح الأجهزة الإلكترونية البسيطة من خلال اليوتيوب وبمساعدة صديق في الورشة. كان يتدرب ليلًا بعد عودته من العمل.
2. وسع دائرة العطاء: لم يعد عمله مقصورًا على كسب المال فقط، بل أصبح يخصص جزءًا من وقته – حتى لو ساعة في الأسبوع – لمساعدة جيرانه وكبار السن في إصلاح ما يعطل في بيوتهم مجانًا.
3. تحولت سمعته: من "الشاب المحتاج" إلى "الشاب الأمين والماهر الذي يساعد الجميع". زادت ثقة الناس به، وأصبحوا يوصون بعضهم البعض به، فزادت فرص العمل المدفوع الذي يحصل عليه.
بعد سنوات...
لم يصبح أحمد مجرد فني ناجح يمتلك ورشته الصغيرة فحسب، بل أصبح "مرجعية للخير" في حيه. يجمع التبرعات البسيطة من القادرين لمساعدة الأسر الأكثر حاجة، وينظم مع مجموعة من الشباب حملات لتوزيع البطانيات والطعام في الشتاء.
في إحدى المرات، قابل ذلك الرجل المسن مرة أخرى، لكن هذه المرة كان أحمد هو من يقدم له المساعدة المالية بعد أن علم بمرضه. انهمرت دموع الرجل مرة أخرى وهو يقول: "رأيت الدعوة تتحقق أمام عينيّ."
العبرة من القصة:
· الفاصلة ليست نهاية: الحاجة والصعوبات كانت مجرد "فاصلة" في حياة أحمد، وليست نهاية المطاف. هو من قرر متى ينقلب ذلك الضعف إلى قوة.
· العطاء لا ينتظر الغنى: لم ينتظر أحمد حتى يصبح غنيًا ليساعد. ساعد بما يملك: وقته، مجهوده، مهارته البسيطة، وقلبه الطيب. فكان عطاؤه هو السبيل الذي قاده إلى الغنى المادي والمعنوي.
· نجاحك الحقيقي هو في تأثيرك: النجاح ليس فقط في ما تجمعه في جيبك، بل في ما تزرعه من أمل في قلوب الآخرين. عندما تساعد غيرك، فأنت تبني نفسك وتبني مجتمعك في آن واحد.
أنت أيضًا يمكنك أن تكون "أحمد" آخر. ابدأ من حيث أنت، وبما تملك، وستجد أن يد العون التي تمدها للآخرين هي نفسها اليد التي ترفعك إلى بر الأمان والنجاح.