28/02/2023
خاتمة
ونحن نختم هذا الاستعراض عن بعض أنواع المصائب أذكر بعدة أمور:
1- أن هذه المصائب هي من السنن الجارية في هذه الحياة التي يقدرها الله تعالى على عباده فيبتليهم بها، مما يستوجب التعامل معها التعامل الشرعي بمعرفة هذه الحقيقة ثم بالصبر عليها احتسابًا وطلبًا للأجر والثواب وأعلى منه الرضا بما قضاه الله وقدره، ثم الأعلى وهو شكر الله عليها وهذه درجة عليا، نسأل الله أن يبلغنا إياها.
2- أنه لا يعني عندما نقول: إن الإيمان سبب للخروج من كل مأزق أن الهموم والغموم والقلق والحزن لا تصيب المؤمن، بل قد تصيبه كما كان ذلك لرسول الله ﷺ، فحزن عندما توفيت زوجته خديجة رضي الله عنها، وعندما مات ابنه إبراهيم، وفي مواقف أخرى، ولكن المؤمن يصبر ويرضى ويحتسب ولا يجزع أو يسخط أو يعمل أعمالاً يظهر فيها اعتراضه على قدر الله، أو يعطل أعماله ووظائفه، ثم إن هذا الهم والحزن سريعًا ما ينكشف للمؤمن إذا عمل بمقتضى هذه الوصايا العظيمة كما سبق.
3- أن من الحقائق المهمة معرفة أنه لا بد من بقاء نسبة يسيرة من الهم والحزن عند الإنسان وإلا أصبح جمادًا لا يتحرك فيه عاطفة، وإلا فكيف يحيي شعوره تجاه والديه وأولاده وزوجته ومجتمعه ومجتمعات المسلمين، إذا لم يكن عنده نسبة تحركه، ولكن ينبغي أن تكون هذه النسبة بحدودها الشرعية فلا تتجاوز حدًا يصل به الأمر إلى أن يقعده عن عمله وسلوكه الحسن وينطوي... إلخ، وهذا يفيدنا بأن لا نجزع إذا كانت نسبة الهم معقولة بقدر ما تتحرك بها العاطفة لفعل الخير والإحسان.
4- أن الجامع لحل هذه الكرب وغيرها أن يتعامل معها المسلم التعامل الشرعي وملخصه:
أ- الإيمان بأنها من الله تعالى، فيورثه هذا الإيمان بقضاء الله تعالى وقدره.
ب- الصبر عليها وعدم الضجر والتشكي والتسخط، والأعلى من ذلك الرضى بها ثم شكر الله تعالى عليها.
جـ- الإكثار من الأعمال الصالحة ومنها:
* الأذكار ومن القرآن الكريم قراءة وحفظًا { أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } [الرعد: 28].
{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا } [الإسراء: 82].
* الصلاة { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ } [البقرة: 45] «أرحنا بها يا بلال».
* الإنفاق في وجوه الخير المشروعة المتعددة «فما نقص مال من صدقة» و«الصدقة تطفئ الخطيئة».
* نفع الآخرين كما سبق في جملة أحاديث.
* ومن تنفيس كرباتهم ومساعدتهم والعطف عليهم والقيام بحاجاتهم وغيرها.
* الدعاء والإلحاح على الله فيه: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [غافر: 60]، { وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا } [الأعراف: 56].
* كثرة الاستغفار { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا } [نوح: 10، 11].
* عدم اقتراف المعاصي ومن أشدها ظلم العباد فعقوبته معجلة.
5- أن الوقاية خير من العلاج فيبني المسلم حياته على منهاج الله تعالى، فإذا ما أصيب بمصيبة وحلت عليه كربة ف*ج الله عنه «احفظ الله يحفظك»«احفظ الله تجده تجاهك» «تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة».