
24/02/2025
البرومو التشويقي الخاص بمسلسل #درة على قناة المهرية، يقدم صورة أولية عن قصة امرأة يمنية منبوذة ومتروكة بمبررات الشرف والعار، ضمن مجتمع ريفي محكوم بالعادات المتوارثة والتقاليد السائدة، امرأة تعيش وحيدة بعد أن هاجر زوجها للعمل في الغربة الطويلة، المسلسل تراجيدي -حقوقي- يقدم صورة نمطية عن معاناة المرأة اليمنية في ظل عادات اجتماعية مبنية على أساس الصرامة والشدة والازدراء، لتصبح معها حياة المرأة نوعًا من الشقاء، حتى يصل الأمر بالقائمين عليها حد التفكير المتمادي بضرورة التهلص منها درءًا للعار، ومن أجل تجاوز تبعات ما يقوله الآخرون، هذه الفكرة بشكل عام، فكرة مكررة لسيناريوهات تجعل من حياة المرأة اليمنية ضمن محيطها القبلي والأسري قصة مليئة بالكثير من العناء، وهي صورة غير مهنية تمامًا.
هذه الحكايات صارت مملة للغاية، خصوصًا مع توفر جوانب درامية تستحق التطرق لها والإشارة إليها، بالمناسبة، هذا العمل الدرامي يذكرني إلى حد بعيد، بمسلسل سوري مصري تم إنتاجه قبل أعوام بعنوان ، تدور أعماله بذات الشكل المتقارب مع تبعات العادات والتقاليد وعواقب أوهام وشكوك الشرف والأصول المحافظة، يقابلها صراع عميق مع الحداثة مما يجلب مواجهة تنتهي بآثار مؤلمة وصادمة، وبمعنى أكثر واقعية هي سرديات قديمة ارتبطت كثيرًا بتقاليد العرب الموهومين كثيرًا بهوس العار القادم من النساء.
عمومًا، الأمر يحتاج لابتكار أفكار أكثر قابلية للمجتمعات، من قبيل المرأة كنموذج مشرف وعظيم، لا كقصة تراجيدية تجلب العار، المرأة اليمنية بحاجة لتصوير قصتها الاستثنائية، وما تمثله خلالها من قوة وصلابة وحكمة، المرأة القوية بينما تصبح نموذجًا مشرفًا عن ألف رواية تقال للأبطال، وهنا فكرة مهمة كانت قد قدمتها #نتفلكس كمسلسل يعبر عن كفاح مرأة في مجتمع أكثر تحضرًا ومدنية، مسلسل ملهم، وواقعي وفريد من نوعه، ويحمل أهدافًا راقية وعظيمة، عن المرأة التي لا تستسلم ولا تخاف ولا تتراجع، رغم المسؤوليات واليأس والخذلان والكثير من التحديات، يقابل كل هذا سردية الرجل الخائن بطبعه وتقلباته، الرجل المتردد والضعيف والشكاك والعاجز والجبان، الرجل الغرائزي الميال للترف والتخلي عن المسؤولية، هذا التناقض المرير قدمته المنصة بمسلسل MAID من بطولة البطلة المناضلة والصادقة، وفي مجتمعنا اليمني خلال العقد الزمني الأخير، يوجد آلاف النماذج العظيمة والمشرفة.
هذه الأفكار أكثر أهمية في وقتنا الحاضر، أفكار وسيناريوهات ملهمة ومفيدة ومعبرة، وتبعث لدى اليمنيات مشاعر الاستحقاق والرضا والامتنان، نحن فعلًا بحاجة لمثل هذه الأعمال الدرامية، عن المرأة اليمنية التي خرجت للعمل في ذروة العجز والبطالة، خرجت لأن زوجها وابنها ووالدها عاجزون تمامًا عن إيجاد فرص العمل، المرأة بينما تجلس على عربة صغيرة في أحد الشوارع الكبيرة، تبيع بعض الأمور البسيطة لتحصل على رزقها ورزق عيالها، بقوة وصلابة وصمت، المرأة بينما تتأمل حياتها وحياة أبنائها، وملامحها تدوي بصوت من القلب يقول: لقد عشقت الحياة هنا، أحزانًا وأفراحًا، ضياعًا أو سكن، سوف نبقى هنا، وفي أرضنا سنجد رزقنا الحلال، ولن نموت من الجوع، كلا لن يحدث هذا، المرأة التي تعيل أسرتها بنور من الله، وهذا ما نعنيه دائمًا حينما نقول، سيظل رزق الله في وطني يعانق كل بيت. في اليمن، نحن بحاجة لأعمال ومسلسلات تقول في خلاصتها: نستطيع أن نواجه العالم بمفردنا، لأننا نملك إلى جانبنا نساء قويات وصلباتٍ وذكيات ومخلصات وصادقات، وهذا بكل تأكيد يكفينا من كل اتجاه.
ماجد زايد